[السابع : قال الناصر رحمهالله :] «صوم يوم الشكّ أولى من إفطاره». هذا صحيح ، وإليه يذهب أصحابنا ...
دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه : الاجماع المتقدّم ذكره.
وأيضا قوله تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) وهذا عامّ في سائر الأيّام.
وأيضا ؛ فإنّه يوم في الحكم من شعبان ، بدلالة قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «وإن غمّ عليكم فعدّوا شعبان ثلاثين» (١) فجاز صومه بنيّة شعبان (٢).
[الثامن :] وممّا ظنّ انفراد الإمامية به القول : بأنّ صوم التطوّع يجزي بنيته بعد الزوال ؛ لأنّ الثوري يوافق في ذلك ، ويذهب إلى أنّ صوم التطوّع إذا نواه في آخر النهار أجزأه وهو أحد قولي الشافعي أيضا (٣) ، وباقي الفقهاء يمنعون من ذلك ويقولون : إذا نوى التطوّع بعد الزوال لم يجزه (٤). دليلنا الاجماع الذي تقدّم ، وقوله تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) وكلّ ظاهر لقرآن أو السنّة يقتضي الأمر بالصوم والترغيب فيه لا إختصاص له بزمان دون غيره فهو يتناول ما بعد الزوال وقبله ، ولا يلزم على ذلك صوم الفرض ؛ لأنّه لا يجزي عندنا إلّا بنيّة قبل الزوال ؛ لأنّا أخرجناه بدليل ولا دليل فيما عداه (٥).
ـ (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة : ١٨٥].
[فيها أمور :]
[الأوّل : إن سأل سائل] فقال : كيف أخبر تعالى : (أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وقد أنزله في غيره من الشهور على ما جاءت به الرواية؟ والظاهر يقتضي أنّه أنزل
__________________
(١) صحيح البخاري ، ٣ : ٦٨.
(٢) الناصريات : ٢٩٢.
(٣) المغني (لابن قدامة) ٣ : ٣٠ ، ٣١.
(٤) نفس المصدر.
(٥) الانتصار : ٦٠.