لكم أنّه أراد ما ذكرتم ، والظاهر غير دالّ على الأمر الذي يحدثه الله تعالى ، والأشبه بالظاهر أن يكون ذلك الأمر الذي يحدثه الله تعالى متعلّقا بتعدي حدود الله ؛ لأنّه تعالى قال : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) ويشبه أن يكون المراد لا تدري ما يحدثه تعالى من عقاب يعجّله في الدنيا على من تعدّي حدوده ، وهذا أشبه ممّا ذكروه ، وأقلّ الأحوال أن يكون الكلام يحتمله فيسقط تعلّقهم.
وقد قيل : إنّ قوله تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) متعلق بالنهي عن إخراجهن من بيوتهن لئلا يبدو له في المراجعة ، وهذا أيضا ممّا يحتمله الكلام ، فمن أين لهم أنّ المراد ما ذكروه ... (١).
[الثاني : قال الناصر رحمهالله :] «لا يأخذ الزوج إلّا ما أعطاها ، أو دون ما أعطاها».
عندنا : أنّه يصحّ أن يخلع امرأة على أكثر ممّا قد أعطاها وأقل منه ، وعلى كلّ قدر تراضيا به ، وإنّما يقول أصحابنا في المباراة : إنّه لا يجوز على أكثر ممّا أعطاها ...
والذي يدلّ على صحّة مذهبنا بعد الاجماع المتقدم قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) ولم يفرق بين القليل والكثير (٢).
[الثالث : انظر الكهف ٥٦ إلى ٧٠ معنى قوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ) من التنزيه : ١١٨].
ـ (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقرة : ٢٣٠].
وممّا يقدّر من لا اختبار له انفراد الإمامية به وما انفردوا به ، جواز عقد
__________________
(١) الانتصار : ١٣٦. وراجع أيضا الناصريات : ٣٤٣ و ٣٤٨.
(٢) الناصريات : ٣٥٣.