قوله عليهالسلام : «لا يرث القاتل» (١) و «لا يتوارث أهل ملّتين» (٢).
وجملة القول في هذا الباب أنّ كلّ شيء هو حجّة في نفسه لا بدّ من تخصيص العموم به ، وإنّما الخلاف في عبارة ، أو في وقوع ذلك ، ولا حاجة بنا إلى ذكر الوقوع في هذا الموضع.
وأمّا تخصيصه بالإجماع ، فصحيح ؛ لأنّ الإجماع عندنا لا يكون إلّا حجّة ، لما سنذكره في باب الإجماع بمشيّة الله تعالى والخلاف بيننا وبين أصحاب الإجماع إنّما هو في التّعليل والدّليل (٣).
[العاشر] : فصل في التخصيص بأخبار الآحاد
اختلف العاملون في الشريعة بأخبار الآحاد في تخصيص عموم الكتاب بها ، فمنهم من أبى أن يخصّ بها على كلّ حال ، ومنهم من جوّز تخصيصه بأخبار الآحاد إذا دخله التّخصيص بغيرها ، ومنهم من راعى سلامة اللّفظة في كونها حقيقة ، ولم يوجب التّخصيص بخبر الواحد مع سلامة الحقيقة ، وأجازه إذا لم تكن سالمة ، وإنّما تسلم الحقيقة عنده إذا كان تخصيصه بكلام متّصل به ، ومنهم من يجيز تخصيص العموم باخبار الآحاد على كلّ حال بغير قسمة.
والّذي نذهب إليه أن أخبار الآحاد لا يجوز تخصيص العموم بها على كلّ حال ، وقد كان جائزا أن يتعبّد الله تعالى بذلك ، فيكون واجبا ، غير أنّه ما تعبّدنا به.
والّذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه أنّ الناس بين قائلين ، ذاهب إلى وجوب العمل بخبر الواحد في الشريعة ، وناف لذلك ، وكلّ من نفى وجوب العمل بها في الشّرع نفى التخصيص بها ، وليس في الأمّة من جمع بين نفي العمل بها في غير التخصيص وبين القول بجواز التخصيص ، فالقول بذلك يدفعه الإجماع ، وسندلّ
__________________
(١) سنن البيهقي ، ٦ : ٢١٩ و ٨ : ١٣٣.
(٢) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٩١٢.
(٣) الذريعة ، ١ : ٢٧٧.