ما يسخط ، وبينما هو مجتهد في الكفر به ، والتكذيب له ، إذ نقله من الكفر إلى الإيمان ، وهو عندهم لعدوّه أنظر منه لوليّه ، فليس يثق وليه بولايته ، ولا يرهب عدوه من عداوته.
وأنّه يقول للرسل : أهدوا إلى الحقّ من عنه قد أضللت ، وانهوا عبادي عن أن يفعلوا ما شئت وأردت ، وأمروهم أن يرضوا بما قضيت وقدرت ؛ لأنّه عندهم شاء الكفر ، وأراد الفجور ، وقضى الجور ، وقدر الخيانة.
ولو لا كراهة الاكثار لأتينا على وصف مذهبهم ، وفيما ذكرناه كفاية في تقبيح مذهبهم ، والحمد لله على قوة الحقّ وضعف الباطل.
فصل
الخير والشر ومعنى نسبتهما إليه تعالى
إن سأل سائل فقال : أتقولون : إنّ الخير والشر من الله تعالى؟
قيل له : إن أردت أنّ من الله تعالى العافية والبلاء والفقر والغناء ، والصحّة والسقم ، والخصب والجدب ، والشدة والرخاء ، فكلّ هذا من الله تعالى ، وقد تسمّى شدائد الدنيا شرّا وهي في الحقيقة حكمة وصواب وحقّ وعدل. وإن أردت أنّ من الله الفجور والفسوق ، الكذب والغرور والظلم والكفر والفواحش والقبائح فمعاذ الله أن نقول ذلك! بل الظلم من الظالمين والكذب من الكاذبين ، والفجور من الفاجرين ، والشرك من المشركين ، والعدل والانصاف من ربّ العالمين.
وقد أكّد الله تعالى ما قلنا فقال : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) (١) ولم يقل : من عند خالقهم ، فعلمنا أنّ المعصية من عباده ، وليس هي من قبله.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٠٩.