[السابع] : فصل في تخصيص العموم بالشرط
اعلم أنّ الشرط وإن لم يكن مؤثّرا في نقصان عدد المشروط كالاستثناء ، وبذلك فصلنا بينهما فيما تقدّم ، فإنّه يخصّص المشروط من وجه آخر ؛ لأنّه إذا قال «اضرب القوم ، إن دخلوا الدّار» فالشرط لا يؤثّر في تقليل عدد القوم ، وإنّما يخصّص الضّرب بهذا الحال ؛ لأنّه لو أطلق لتناول الأمر بالضّرب على كلّ حال ، فتخصّص بالشرط ، ومن أمثلته قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (١) وقوله جلّ اسمه : (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) (٢).
ولا فصل في الحكم الّذي ذكرناه بين تقدّم الشرط في صدر الكلام وبين تأخره.
ولا يمتنع أن يشترط الشيء بشروط كثيرة ، كما لا يمتنع أن يكون الشرط الواحد شرطا في أشياء كثيرة. وكلّما زيد في الشّرط زاد التخصيص.
ومن حقّ الشّرط أن يكون مستقبلا ، وكذلك المشروط.
والغاية تجري في هذا المعنى مجرى الشرط. وقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) (٣) معناه إلى أن يطهرن ، فإن طهرن فاقربوهن. وكذلك قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٤) (٥).
[الثامن] فصل في المطلق والمقيّد
اعلم أنّ التقييد هو مثل قوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وقوله تعالى : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) (٦) فإذا ولي هذا التّقيد جملة واحدة ، فلا شبهة في تغيّر حكمها. والخلاف فيه متى ولي جملتين ، في رجوعه إليهما ـ إذا صحّ ذلك فيه ـ أو رجوعه إلى ما يليه ، كالخلاف في الاستثناء ، وقد تقدّم مشروحا.
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٤٣.
(٢) سورة المجادلة ، الآية : ٤.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٢.
(٤) سورة التوبة ، الآية : ٢٩.
(٥) الذريعة ، ١ : ٢٧٣.
(٦) سورة النساء ، الآية : ٩٢.