وأمّا الشرط الثاني فإنّا متى لم نعلم أنّ التواطؤ وما حلّ محلّه مرتفع ، جوّزنا أن يكون التواطؤ وما جرى مجراه هو الجامع لها على الكذب.
وأمّا الشرط الثالث ، فمن المعلوم أنّ الشبهة قد تدعوا إلى الكذب ، وتجمع الجماعات عليه ، كإخبار الخلق الكثير من المبطلين عن مذاهبهم الباطلة لأجل الشبهة الداخلة عليهم ، وقامت هيهنا الشبهة مقام التواطؤ في الجمع على الكذب ، ولا فصل فيما اشترطنا فيه ارتفاع الشبهة واللّبس بين أن يكون المخبر عنه مشاهدا أو غير مشاهد في صحّة دخول الشبهة فيه ؛ لأنّ اليهود والنصارى مع كثرتهم نقلوا صلب المسيح عليهالسلام لما التبس عليهم ، فظنّوا أن الشخص الّذي رأوه مصلوبا هو المسيح عليهالسلام. وقيل : إنّ سبب دخول الشبهة هو أنّ المصلوب قد تتغيّر خلقته ، وتتنكر صورته ، ولأن بعد المصلوب عن العين يقتضي اشتباهه بغيره.
[في اشتراط ثبوت الشرائط في جميع الطبقات]
والوجه في اشتراط ثبوت هذه الشروط في جميع الطبقات المتوسّطة بيننا وبين المخبر عنه أنّ ذلك متى لم يكن معلوما جوّزنا أن الجماعة الّتي تلينا صادقة ، ومن خبّرت عنه قد يجوز أن يتّفق منه الكذب. وعند تكامل هذه الشروط نعلم كون الخبر صدقا ؛ لأنه إذا لم ينفكّ من كونه إمّا كذبا أو صدقا ، فبطل كونه كذبا ؛ لأنّه لو كان كذلك لكان إنما وقع اتّفاقا ، أو لتواطؤ ، أو عن شبهة ، فإذا بطل ذلك كلّه ، فلا بدّ من كونه صدقا.
[الطريق الموصل إلى العلم بثبوت هذه الشرائط]
وبقي علينا أن ندلّ على الطريق الموصل إلى العلم بثبوت هذه الشرائط.
أمّا اتّفاق الكذب عن المخبر الواحد ؛ فإنّه لا يقع من الجماعات ، والعلم