والشواهد القرآنية والشعرية ، ناقلا أراء غيره ومبديا رأيه ، وكأنه ينظر إلى قول ابن مجاهد «ما روي من الآثار في حروف القرآن ، منها المعرب السائر الواضح ، ومنها المعرب الواضح غير السائر ، ومنها اللغة الشاذّة القليلة ، ومنها الضعيف المعنى في الإعراب ... وبكلّ قد جاءت الآثار» (١). وقد بنى المرتضى توجيهه وترجيحه القراءات المشهورة على معايير متنوّعة أظهرها :
ـ معيار أسلوبي ، كما رأينا ذلك في ترجيحه لقراءة (فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) (٢) ، بتقديم المفعولين على الفاعلين ؛ لأن ذلك ـ عنده ـ أبلغ في وصفهم وأمدح لهم ، وأدل على شجاعتهم.
ـ ومعيار عقلي ، كما رأينا في توجيهه لقراءة (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (٣).
فالمرتضى الّذي يقول بعصمة الأنبياء عليهمالسلام يرى أن الهاء في الآية لا يجب أن تكون راجعة إلى السؤال بل إلى الابن ، ويكون تقدير الكلام : إن ابنك ذو عمل غير صالح ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
ـ ومعيار نحوي ، كما رأينا ذلك في ترجيحه لقراءة
(وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [أقول :] (٤) بجر لفظة (وَأَرْجُلَكُمْ).
ـ ومعيار صرفي ، كما رأينا ذلك في توجيهه لقراءة (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) (٥) ، بالتخفيف ، حيث رفض قول الكسائي بأن بين أكذبه فرقا ، فمعنى هذه اللفظة ـ عنده ـ مشددة يعود إلى معناها مخفّفة ، لأنه ـ كما يقول ـ «ليس بين فعلت وأفعلت في هذه الكلمة فرق من طريق المعنى» (٦).
الشاهد الشعري
الصلة بين الدلالة القرآنية والدلالة الشعرية صلة قوية ، فالشعر ديوان
__________________
(١) كتاب السبعة في القراءات : ٤٩.
(٢) سورة التوبة ، الآية : ١١١.
(٣) سورة هود ، الآية : ٤٦.
(٤) سورة المائدة ، الآية : ٦.
(٥) أمالي المرتضى ، ٢ : ٢٦٧.
(٦) أمالي المرتضى ، ٢ : ٢٦٧.