قلنا : هذا صحيح غير أنه فرق بين القياس وغيره في غير الموضع الّذي حقّقناه ؛ لأنّ الاتّفاق إنّما حصل في أنّ شرط التّخصيص بالقياس يخالف شرط التّخصيص بغيره ، فإن لم يكن الأمر على ما ذكرناه من أنّ ظاهر تناول لفظ العموم يمنع من القياس ، ولا يمنع من سائر الأدلة ، فلا مزيّة بين الكلّ ، ويجب التساوي ، ومعلوم خلافه (١).
[الثاني عشر] : فصل في تخصيص العموم بأقوال الصحابة
اعلم أنّه لا خلاف في أنّ كلّ ما هو حجّة في نفسه يصحّ تخصيص العموم به ، وإجماع الصّحابة حجّة ، فيجب التخصيص به. ونحن وإن كنّا نخالفهم في تعليل كون ذلك حجّة ، أو في دليله ، فالحكم لا خلاف فيه بيننا.
فأمّا قول بعضهم ، ففي الناس من يذهب إلى أنه إذا ظهر وانتشر ولم يقع فيه خلاف جرى مجرى الاجماع ، فيخص بذلك ، كما يخصّ بالإجماع. وفيهم من يقول : إمساكهم عن الخلاف لا يدلّ على الوفاق ، فلا يجعله إجماعا ، ولا يخصّص به. وتحقيق ذلك يأتي فيما بعد بمشيّة الله تعالى.
وأمّا نحن ؛ فنذهب إلى أن في الصحابة من قوله بانفراده حجّة ، وهو أمير المؤمنين عليهالسلام ، لقيام الدليل على عصمته ، وقد دللنا على ذلك في كتب الإمامة ، وليس هذا موضع ذكره ، فقوله عليهالسلام منفردا يخصّ به العموم لا محالة (٢).
[الثالث عشر] : فصل في تخصيص العموم بالعادات
اعلم أنّ العموم لا يجوز تخصيصه بأن يعتاد النّاس أن يفعلوا خلافه ؛ لأنّ
__________________
(١) الذريعة ، ١ : ٢٨٣.
(٢) الذريعة ، ١ : ٢٨٨.