[المقدّمة السابعة : في أن الأنبياء والأئمّة كافة
منزّهون عن جميع المعاصي]
إختلف الناس في الأنبياء عليهمالسلام ، فقالت الشيعة الإمامية : لا يجوز عليهم شيء من المعاصي والذنوب كبيرا كان أو صغيرا ، لا قبل النبوّة ولا بعدها ، ويقولون في الأئمّة مثل ذلك ، وجوّز أصحاب الحديث والحشوية على الأنبياء الكبائر قبل النبوّة ، ومنهم من جوّزها في حال النبوّة سوى الكذب فيما يتعلّق باداء الشريعة ، ومنهم من جوّزها كذلك في حال النبوّة بشرط الاستسرار دون الاعلان ، ومنهم من جوّزها على الأحوال كلّها ، ومنعت المعتزلة من وقوع الكبائر والصغائر المستخفّة من الأنبياء عليهمالسلام قبل النبوّة وفي حالها ، وجوّزت في الحالين وقوع ما لا يستخفّ من الصغائر ، ثمّ اختلفوا فمنهم من جوّز على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الإقدام على المعصية الصغيرة على سبيل العمد ، ومنهم من منع من ذلك وقال : إنّهم لا يقدمون على الذنوب الّتي يعلمونها ذنوبا ، بل على سبيل التأويل.
وحكي عن النّظام (١) ، وجعفر بن مبشر ، وجمّاعة ممّن تبعهما ، أنّ ذنوبهم لا تكون إلّا على سبيل السهو والغفلة ، وأنّهم مؤاخذون بذلك وإن كان موضوعا عن أممهم ؛ لقوّة معرفتهم وعلوّ مرتبتهم. وجوّزوا كلّهم ومن قدّمنا ذكره من الحشوية وأصحاب الحديث على الأئمّة الكبائر والصغائر ، إلّا انّهم يقولون : إنّ بوقوع الكبيرة من الإمام تفسد إمامته ويجب عزله والاستبدال به.
واعلم أنّ الخلاف بيننا وبين المعتزلة في تجويزهم الصغاير على الأنبياء
__________________
(١) النظام : هو إبراهيم بن سيار (توفي ٢٣١ ه) تلميذ أبي الهذيل العلاف. متكلم معتزلي ، نشأ في البصرة وأقام في بغداد حيث توفي.