وفي هذا ترغيب وترهيب لا محال ، لأن من علم بأنّه يحاسب بأعماله ، ويواقف على جميلها وقبيحها انزجر عن القبيح ورغب في فعل الواجب.
فبهذا ينصر الجواب ، وإن كنّا لا ندفع أنّ في حمل الحساب على قرب المجازاة ، أو قرب المحاسبة على الأعمال ترغيبا في الطاعات وزجرا عن المقبّحات ؛ فالتأويل الأوّل أشبه بالظاهر ونسق الآية ، إلّا أن التأويل الآخر غير مدفوع أيضا ولا مرذول (١).
ـ (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ٢٠٣].
أنظر البقرة : ١٨٣ من الرسائل ، ٢ : ١٢.
ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) [البقرة : ٢٠٤].
... وأما اللّدد ؛ فقيل : هو الخصومات ، وقال ثعلب : يقال رجل ألّد ، وقوم لدّ إذا كانوا شديدي الخصومة ؛ ومنه قول الله تعالى : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ).
وقال الأمويّ : اللدد : الاعوجاج ، والألدّ في الخصومة : الذي ليس بمستقيم ، أي هو أعوج الخصومة ؛ يميل فلا يقوى عليه ولا يستمكن منه ، ومن ذلك قولهم : لدّ الصّبيّ ، وإنّما يلدّ في شقّ فيه ؛ وليس «يلدّ» مستقيما ؛ فهو يرجع إلى معنى الميل والاعوجاج. وقال : فسّر لنا الحكم بن ظهير ، فقال : ألدّ الخصام ، أي أعوج الخصام ، وأنشد أبو السمح لابن مقبل :
لقد طال عن دهماء لدّي وعذرتي |
|
وكتمانها أكني بأمّ فلان |
جعلت لجهّال الرّجال مخاضة |
|
ولو شئت قد بيّنتها بلساني |
اللّد : الجدال والخصومة.
وقال أبو عمرو : الألدّ : الذي لا يقبل الحقّ ، ويطلب الظلم (٢).
ـ (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [البقرة : ٢١٠].
__________________
(١) الأمالي ، ١ : ٣٧٤.
(٢) الأمالي ، ٢ : ١٥٠.