دينكم اليسر ، وبذلك اتاكم كتاب الله ، قال الله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (١) (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) (٢) واعلموا رحمكم الله أنّه لو كان كلّف خلقه ما لا يستطيعون كان غير مريد بهم اليسر ، وغير مريد للتخفيف عنهم ؛ لأنّه لا يكون اليسر والتخفيف في تكليف ما لا يطاق».
وروي عن سعيد بن عامر بن حذيم (٣) لما استعمله عمر بن الخطاب على بعض كور الشام خرج معه يوصيه ، فلمّا انتهى إلى المكان قال له سعيد : وأنت فاتّق الله وخف الله في الناس ، ولا تخف الناس في الله ، وأحبّ لقريب المسلمين وبعيدهم ما تحبّه لنفسك وأهل بيتك ، وأقم وجهك تعبّدا لله ، ولا تقض بقضاء مختلف عليك أمره ، وتنزع إلى غير الحقّ ، وخض الغمرات إلى الحقّ ، ولا تخف في الله لومة لائم ، فأخذ عمر بيده فأقعده ثم قال : ويحك من يطيق هذا؟
فانظر كيف وصاه وأمره بأن يفعل الخير ويجتهد في تحصيله ، وما أشبه هذا من الحديث أكثر من أن يحصى ، والحمد لله والصلاة على آل الله (٤).
ـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١)) [البقرة : ٣١].
[إن سأل سائل] فقال : كيف يأمرهم أن يخبروا بما لا يعلمون ، أو ليس أقبح من تكليف ما لا يطاق ؛ الذي تأبونه ؛ والذي جوّز أن يكلّف تعالى مع ارتفاع القدرة لا يجوّزه.
الجواب : قلنا : قد ذكر في هذه الآية وجهان :
أحدهما : أنّ ظاهر هذه الآية إن كان أمرا يقتضى التّعلّق بشرط ، وهو كونهم
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨٥.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٨.
(٣) كذا في نسخة ، وفي أخرى «بن حذلم» ، يقال ان سعيد هذا اسلم قبل فتح خيبر وشهد المشاهد بعدها ، وكان خيرا فاضلا ، وولاه عمر بعض شجناد الشام ، واختلف في سنة وفاته : فقيل سنة ١٩ ، وقيل سنة ٢٠ ، وقيل سنة ٢١ (الاصابة ٢ / ٦٢٤).
(٤) الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.