ذلك على أنّه تعالى إذا أراد إحياء الموتى وحشرهم أتوه من الجهات كلّها مستجيبين غير ممتنعين ، كما تأتي هذه الطيور بالتمرين والتعويد.
وهذا الجواب ليس بشيء ؛ لأنّ إبراهيم عليهالسلام إنّما سأل الله أن يريه كيف يحيي الموتى ، وليس في مجيء الطيور وهنّ أحياء بالعادة والتمرين ، دلالة على ما سئل عنه ولا حجة فيه ، وإنّما يكون في ذلك بيانا لمسألته إذا كان على الوجه الّذي ذكرناه.
فإن قيل : إذا كان إنّما أمره بدعائهن بعد حال التأليف والحياة ، فأيّ فايدة في الدعاء وهو قد علم ـ لمّا رآها تتألف أعضاءها من بعد وتتركّب ـ أنّها قد عادت إلى حال الحياة؟ فلا معنى في الدعاء إلّا أن يكون متناولا لها وهي متفرّقة.
قلنا : للدعاء فائدة بيّنة ؛ لأنّه لا يتحقق من بعد رجوع الحياة إلى الطيور وإن شاهدها متألفة ، وإنّما يتحقّق ذلك بأن تسعى إليه وتقرب منه (١).
ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) [البقرة : ٢٦٤].
أنظر هود : ١١٤ من الذخيرة : ٣١١.
ـ (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) [البقرة : ٢٦٧].
[فيها أمران :
الأوّل :] [وممّا يلحق بالعموم] ما تعلّق قوم به في انّ الرقبة في كفّارة الظهار يجب أن تكون مؤمنة لقوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ). وأنكر آخرون ذلك عليهم ، من أنّ الكافر ليس بخبيث على التحقيق ، وأنّ العتق لا يسمّى نفقة.
وليس ما أنكروه بمستبعد ؛ لأنّ الخبيث لا خلاف بين الأمّة في إطلاقه على كلّ كافر ، كما أطلقوا الطهارة في كلّ مؤمن. وغير ممتنع أن يسمّى العتق إنفاقا
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٤٩.