إعطائه صلاح فعله به وأجابه إليه ، وإن لم يكن في إعطائه إياه في الدنيا صلاح وخير لم يعطه ذلك في الدنيا ، وأعطاه إياه في الآخرة ، فهو مجيب لدعائه على كلّ حال.
وسادسها : أنّه تعالى إذا دعاه العبد لم يخل من أحد أمرين : إمّا أن يجاب دعاؤه ، وإمّا أن يخار له بصرفه عمّا سأل ودعا ، فحسن اختيار الله له يقوم مقام الإجابة ، فكأنّه يجاب على كل حال.
وهذا الجواب يضعّف لأنّ العبد ربّما سأل ما فيه صلاح ومنفعة له في الدنيا ، وإن كان فيه فساد في الدين لغيره فلا يعطى ذلك ، لأمر يرجع إليه ، لكن لما فيه [من فساد غيره ، فكيف يكون مجابا مع المنع الذي] لا يرجع إليه منه شيء من الصلاح! اللهم إلّا أن يقال : إنّه دعا ؛ مشروط بأن يكون صلاحا ، ولا يكون فسادا ، وهذا ممّا تقدّم.
ومعنى قوله تعالى : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ،) أي فليجيبوني وليصدّقوا رسلي ، قال الشاعر :
وداع دعا يا من يجيب إلى النّدى |
|
فلم يستجبه عند ذاك مجيب (١) |
أي لم يجبه (٢).
ـ (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) [البقرة : ١٨٧].
[فيها أمور :
الأوّل : قال الناصر رحمهالله :] «لا اعتكاف إلّا بصوم».
عندنا : أن الصوم من شرط صحّة الاعتكاف.
ووافقنا على ذلك أبو حنيفة ، ومالك (٣). قال والشافعي : يصح الاعتكاف بغير صوم وفي الأوقات التي لا يصحّ فيها الصوم ، مثل يوم النحر ، والفطر ، والتشريق (٤).
__________________
(١) مطلع قصيدة كعب بن سعد الغنوي ؛ وهي في أمالي القالي : ٢ / ١٤٨ ـ ١٥١.
(٢) الأمالي ، ١ : ٥٦٦.
(٣) المجموع ، ٦ : ٤٨٧.
(٤) نفس المصدر.