فإذا كان هناك وضع ، وعرف ، وشرع ، وجب حمل الخطاب على الشّرع دون الأمرين المذكورين ، للعلّة الّتي ذكرناها ، ولأنّ الأسماء الشرعيّة صادرة عنه تعالى ، فتجري مجرى الأحكام في أنّه لا يتعدّى عنها.
واعلم أن الناس قد طولوا في أقسام الكلام ، وأورد بعضهم في أصول الفقه ما لا حاجة إليه.
[السابع : البحث في أقسام الكلام المفيد]
وأحصر ما قسّم الكلام المفيد إليه ، أنّه إمّا أن يكون خبرا أو ما معناه معنى الخبر. وعند التأمّل يعلم دخول جميع أقسام الكلام تحت ما ذكرناه ؛ لأنّ الأمر من حيث دلّ على أنّ الآمر مريد للمأمور به ، كان في معنى الخبر. والنهي إنّما كان نهيا ؛ لأن النّاهي كاره لما نهى عنه ، فمعناه معنى الخبر ، ولأنّ المخاطب غيره إمّا أن يعرّفه حال نفسه ، أو حال غيره ، وتعريفه حال غيره يكون بالخبر دون الأمر ، وتعريفه حال نفسه يكون بالأمر والنّهي ، وإن جاز أن يكون بالخبر.
[الثامن : في جواز الاشتراك ووقوعه]
واعلم أن المفيد من الأسماء إمّا أن يختصّ بعين واحدة ولا يتعدّاها ، أو يكون مفيدا لما زاد عليها. فمثال الأوّل قولنا : إله وقديم وما جرى مجرى ذلك ممّا يختصّ به القديم تعالى ولا يشاركه فيه غيره. فأمّا ما يفيد أشياء كثيرة فينقسم إلى قسمين : إمّا أن يفيد في الجميع فائدة واحدة ، أو أن يفيد فوائد مختلفة ، فمثال الأوّل قولنا : لون ، وإنسان. ومثال الثّاني قولنا : قرء ، وعين ، وجارية.
ومن خالف في جواز وقوع الاسم على مختلفين أو على ضدّين ، لا يلتفت إلى خلافه ، لخروجه عن الظّاهر من مذهب أهل اللّغة.