القبائح ، ونسبوه إلى فعل الفواحش ، وزعموا أنّ كلّ ما يحدث في العباد من كفر وضلال ، ومن فسق وفجور ، ومن ظلم وجور ، ومن كذب وشهادة زور ، ومن كلّ نوع من أنواع القبائح ، فالله تعالى فاعل ذلك كلّه ، وخالقه وصانعه ، والمريد له ، والمدخل فيه ، وأنّه يأمر قوما من عباده بما لا يطيقون ويكلّفهم بما لا يستطيعون ، ويخلق فيهم ما لا يتهيّأ لهم الامتناع منه ، ولا يقدرون على دفعه ، مع كونه على خلاف ما أمرهم به ، ثم يعذّبهم على ذلك في جهنّم بين أطباق النيران خالدين فيها أبدا.
ويزعم منهم قوم أنّه يشرك معهم في ذلك العذاب الاطفال الصغار الذين لا ذنب لهم ولا جرم ، ويجيز آخرون [منهم] أنّه يأمر الله تعالى العباد وهم على ما هم عليه من هذا الخلق وهذا التركيب أن يطيروا في جوّ السماء وأن يتناولوا النجوم ، وأن يقتلعوا الجبال ويدكّدكوا الارض ، ويطووا السماوات كطيّ السجلّ ، فإذا لم يفعلوا ذلك لعجزهم عنه وضعف بنيتهم عن احتماله ، عذّبهم في نار جهنّم عذابا دائما ، فتعالى الله عمّا يقولون علوا كبيرا ، وتقدّس عمّا وصفوه به.
بل نقول : إنّه العدل الكريم الرؤف الرحيم ، الذي حسنات العباد منسوبة إليه ، وسيئاتهم منفيّة عنه ؛ لأنّه أمر الحسنة ورضيها ورغب فيها ، وأعان عليها ، ونهي عن السيئة وسخطها ، وزجر عنها ، وكانت طاعات العباد منه بالامر والترغيب ولم تكن معاصيهم منه للنهي والتحذير ، وكان جميع ذلك من فاعليه ومكتسبيه بالفعل والاحداث ، وكانت معاصيهم وسيئاتهم من الشيطان بالدعاء والاغواء.
آراء المخالفين لأهل العدل
فأمّا من يخالفنا فقد افتضحوا حيث قالوا : إنّ من الله جور الجائرين وفساد المعتدين ، فهو عندهم المريد لشتمه ، ولقتال أنبيائه ، ولعن أوليائه ، وأنّه أمر بالإيمان ولم يرده ، ونهى عن الكفر وأراده ، وأنّه قضى بالجور والباطل ثمّ