أمر عباده بإنكار قضائه وقدره ، وأنّه المفسد للعباد ، والمظهر في الأرض الفساد ، وأنّه صرف أكثر خلقه عن الإيمان والخير ، وأوقعهم في الكفر والشرك ، وأنّ من أنفذ وفعل ما شاء عذّبه ، ومن ردّ قضاءه وأنكر قدره وخالف مشيئته أثابه ونعمه ، وأنّه يعذّب أطفال المشركين بذنوب آبائهم وأنّه تزر الوازرة عندهم وزر أخرى ، وتكسب النفس على غيرها ، وأنّه خلق أكثر خلقه للنار ، ولم يمكّنهم من طاعته ثم أمرهم بها ، وهو عالم بأنّهم لا يقدرون عليها ، ولا يجدون ، السبيل إليها ، ثم استبطأهم لم لم يفعلوا ما لم يقدروا عليه ولم لم يوجدوا ما لم يمكنهم منه؟ وأنّه صرف أكثر خلقه عن الإيمان ثم قال : (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (١).
وأفكهم وقال : (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٢) ، وخلق فيهم الكفر ثم قال : (لِمَ تَكْفُرُونَ) (٣) وفعل فيهم لبس الحق بالباطل ثم قال : (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) (٤) ، وأنه دعى إلى الهدى ثم صدّ عنه وقال : (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٥).
وقال خلق كثير منهم : إنّ الله تعالى منع العباد من الإيمان مع قوله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) (٦) وأنّه حال بينهم وبين الطاعة ثم قال : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) (٧) ، وأنّه ذهب بهم عن الحقّ ثمّ قال (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (٨) ، وأنّه لم يمكّنهم من الإيمان ولم يعطهم قوّة السجود ثم قال : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١)) (٩) ، وأنّه فعل بعباده الاعراض عن التذكرة ثمّ قال : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (١٠) وأنّه يمكر بأوليائه المحسنين ، وينظر لأعدائه المشركين ؛ لأنّ العبد عندهم مجتهد في طاعته ، فبينما هو كذلك وعلى ذلك إذ خلق فيه الكفر ، وأراد له الشرك ، ونقله ممّا يحب إلى
__________________
(١) سورة يونس ، الآية : ٣٢.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ٩٥.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٧٠.
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ٧١.
(٥) سورة آل عمران ، الآية : ٩٩.
(٦) سورة الإسراء ، الآية : ٩٤.
(٧) سورة النساء ، الآية : ٣٩.
(٨) سورة التكوير ، الآية : ٢٦.
(٩) سورة الانشقاق ، الآيتان : ٢٠ ـ ٢١.
(١٠) سورة المدثر ، الآية : ٤٩.