[في أدلّة من منع من جواز التعبّد بخبر الواحد]
وقد تعلّق من منع من جواز التعبّد بخبر الواحد بأشياء :
أوّلها : قولهم : إنّ الشرائع لا تكون إلّا مصالح لنا ، وبخبر الواحد لا نعلم أنّ ذلك مصلحة ، ولا نأمن كونه مفسدة.
وثانيها : أن قالوا : إذا لم يجز أن نخبر بما لا نأمن كونه كذبا ، كذلك لا يجوز أن نقدم على ما لا نأمن من كونه مفسدة.
وثالثها : أن قول الواحد وصلة إلى قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإذا لم يجز قبول قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا بمعجز ودليل على القطع على صدقه ، فغيره أولى بذلك.
ورابعها : أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما لم يجز العمل بقوله إلّا بمعجزة تدلّ على صدقه لجواز الغلط عليه ، وهذه العلّة قائمة في خبر الواحد.
وخامسها : أنّ العمل من حقّه أن يتبع العلم ، وإذا لم يعلم صدق الواحد لم يعمل بخبره ، ولو جاز العمل ولا علم لجاز تبخيتا وتخمينا.
وسادسها : أنّه لو جاز العمل بخبر الواحد في بعض الأحكام ، جاز في سائرها ، حتّى في الأصول ، وإثبات القرآن ، والنبوّات. وفرّقوا بين العمل بخبر الواحد وبين الشهادة بأن الشهادة تقتضي ما يتعلّق بمصالح الدنيا ، ودفع المضارّ فيها ، وإجلاب المنافع ، وما يجوز فيه البدل والصلح ، ويتعلّق بالاختيار ، ويخالف المصالح التي لا يعلمها إلّا الله تعالى ، ويخالف ذلك أيضا المعاملات الّتي تجري مجرى الإباحات ، وترجع إلى الرضا والسخط ، وتطيّب النفس.
وسابعها : أنّه لو جاز التعبّد بخبر العدل لجاز ذلك في خبر الفاسق ؛ لأنّه لا فرق في العقول بينهما في أنّ الثقة لا تحصل عند خبره.
فيقال لهم فيما تعلّقوا به أوّلا : الشرائع لا بدّ من كونها مصالح ، على ما ذكرتم ، ولا بدّ من طريق للمكلّف إلى العلم بذلك إمّا على الجملة ، أو التفصيل. فإذا دلّ الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد إذا كان على صفة ،