ـ (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة : ٢٢٦].
[فيها أمران :
الأوّل : قال الناصر رحمهالله :] «ولا يكون الزوج مؤليا حتّى يدخل بأهله».
هذا صحيح وهو الذي يذهب إليه أصحابنا ؛ وباقي الفقهاء يخالفون فيه (١).
والذي يدلّ على صحّة ما ذكرناه : الاجماع المتردّد ذكره ؛ وأيضا أنّه لا خلاف في أنّ حكم الإيلاء شرعي ، وقد ثبت بلا خلاف في المدخول بها ، ومن أثبته في غير المدخول بها فقد أثبت حكما شرعيا زائدا على ما وقع عليه الإجماع ، فعليه الدليل.
فإن تعلّقوا بقوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فإنّ اللفظ عامّ لجميع النساء المدخول بهن وغير المدخول بهن.
فالجواب : أنّ اللفظ لو كان عامّا على ما ادّعى لجاز تخصيصه بدليل ، كيف وفي اللفظ ما يدلّ على التخصيص بالدخول بها ، لأنّه تعالى قال : (فَإِنْ فاؤُ) والمراد بالفئة العود إلى الجماع بلا خلاف ، وإنّما يعاود الجماع من دخل بها واعتاد جماعها وهذا واضح (٢).
[الثاني :] وممّا ظن إنفراد الإمامية به : أنّ من حلف أن لا يقرب زوجته وهي مرضع ؛ خوفا من أن تحمل ؛ فينقطع لبنها ، فيضرّ ذلك بولدها ، لا يكون موليا ، وخالف في ذلك باقي الفقهاء في ذلك ... والحجة لنا ـ بعد إجماع الطائفة ـ أنّ انعقاد الايلاء حكم شرعي ، وقد ثبت انعقاده في موضع الاتفاق ولم يثبت في موضع الخلاف ، وإنعقاده حكم شرعي ، فيجب نفيه بنفي الدليل الشرعي.
فإن احتجّوا بعموم قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ، فالجواب : أنّ العموم يخصّ بالدليل ، وبعد فالآية تقتضي وجوب التربّص فيمن
__________________
(١) المجموع ، ١٧ : ٢٩٦.
(٢) الناصريات : ٣٥٥.