الشّرع المعروف سواه ، وفي الصيام الإمساك ، ثمّ صار في الشّرع لما كان يخالفه ، فإنّه يضعف ، من حيث أمكن أن يقال إن ذلك ليس بنقل ، وإنّما هو تخصيص ، وهذا غير ممكن في لفظة الغائط.
[الرابع : ما تعرف به الحقيقة]
وأقوى ما يعرف به كون اللفظ حقيقة هو نصّ أهل اللّغة ، وتوقيفهم على ذلك ، أو يكون معلوما من حالهم ضرورة.
ويتلوه في القوّة أن يستعملوا اللّفظ في بعض الفوائد ، ولا يدلّونا على أنّهم متجوّزون بها مستعيرون لها ، فيعلم أنّها حقيقة ، ولهذا نقول : إنّ ظاهر استعمال أهل اللّغة اللّفظة في شيء دلالة على أنّها حقيقة فيه إلّا أن ينقلنا ناقل عن هذا الظّاهر.
وقد قيل فيما يعرف به الحقيقة أشياء غيرها ، عليها ـ إذا تأمّلتها حقّ التأمّل ـ طعن ، وفيها قدح. وما ذكرناه أبعد من الشّبهة.
[الخامس : تحقيق معنى قولهم : المجاز لا يستعمل في غير مواضعه]
ويمضى في الكتب كثيرا أنّ المجاز لا يجوز استعماله إلّا في الموضع الّذي استعمله فيه أهل اللّغة من غير تعدّ له. ولا بدّ من تحقيق هذا الموضع فإنّه تلبيس.
والّذي يجب ، أن يكون المجاز مستعملا فيما استعمله فيه أهل اللّغة أو في نوعه وقبيله. ألا ترى أنّهم لمّا حذفوا المضاف ، وأقاموا المضاف إليه مقامه في قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) (١) ، أشعرونا بأنّ
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية : ٨٢.