مصروفا إلى غير الغنم وما أشبهها ممّا يسمع وان لم يفهم. وهذا الجواب يقتضي ضرب المثل بما يسمع الدعاء والنداء وإن لم يفهمهما ، والأصنام من حيث كانت لا تسمع النداء جملة يجب أن يكون داعيها ومناديها أسوأ حالا من منادي الغنم. ويصحّ أن يصرف إلى الغنم وما أشبهها ممّا يشارك في السماع ، ويخالف في الفهم والتمييز.
وقد اختلف الناس في «ينعق» فقال أكثرهم : لا يقال نعق ينعق إلّا في الصّياح بالغنم وحدها ؛ وقال بعضهم نعق ينعق بالغنم والإبل والبقر ؛ والأوّل أظهر في كلام العرب ؛ قال الأخطل :
فانعق بضأنك يا جرير فإنّما |
|
منّتك نفسك في الخلاء ضلالا (١) |
ويقال أيضا : نعق الغراب ونغق ؛ بالغين المعجمة ؛ إذا صاح من غير أن يمدّ عنقه ويحركها ؛ فإذا مدّها وحرّكها ثمّ صاح قيل : نعب ، ويقال أيضا : نعب الفرس ينعب وينعب نعبا ونعيبا ونعبانا ، وهو صوته ؛ ويقال : فرس منعب ، أي جواد ، وناقة نعابة ؛ إذا كانت سريعة (٢).
ـ (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة : ١٧٧].
[إن سأل سائل] فقال : كيف ينفي كون تولية الوجوه إلى الجهات من البرّ ، وإنّما يفعل ذلك في الصلاة ، وهي برّ لا محالة؟ وكيف خبّر عن البرّ «بمن» والبرّ كالمصدر ، و «من» اسم محض؟ وعن أيّ شيء كنّى بالهاء في قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ)؟ وما المخصوص بأنّها كناية عنه وقد تقدّمت أشياء كثيرة؟ وعلى أيّ شيء ارتفع (وَالْمُوفُونَ)؟ وكيف نصب (وَالصَّابِرِينَ)، وهم معطوفون على
__________________
(١) ديوانه : ٥٠.
(٢) الأمالي ، ١ : ٢٢١.