وإذا كان الأمر على ما ذكرناه فلا حاجة بنا أن نجعل قوله : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) مخصوصا بقضاء الفائت على العليل والمسافر.
ولو قال صاحب الكتاب في جواب ما حكاه من أنّ بعض حذاقهم قال : إنّ إكمال العدّة إنّما أمر به العليل أو المسافر : إنّ هذا تخصيص للعموم بغير دليل لكان أجود ممّا عوّل عليه ؛ لأنّ قوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) تمام في قضاء الفائت من شهر رمضان وفي استيفاء العدد وتكميله ، وإذا صرفه صارف إلى موضع دون آخر ، كان مخصّصا بغير دليل.
فأمّا قوله : «إن مندوبية التكبير إنّما هو عقيب انقضاء شهر رمضان لليلة الفطر وليس على قاضي ما فاته في علّة أو سفر تكبير ولا هو مندوب إليه» فغلط منه ؛ لأنّ التكبير وذكر الله تعالى وشكره على نعمه مندوب إليه في كلّ وقت وعلى كلّ حال ، وعقيب كلّ أداء العبادة وقضائها ، فكيف يدّعي أنّه غير مندوب إليه إلّا عقيب انقضاء شهر رمضان؟ (١).
[الثالث :] وممّا انفردت به الإمامية القول : بأنّ على المصلّي التكبير في ليلة الفطر ، وابتداؤه من دبر صلاة المغرب إلى أن يرجع الإمام من صلاة العيد ، فكأنّه عقيب أربع صلوات أوّلهن المغرب من ليلة الفطر ، وآخرهنّ صلاة العيد ...
والحجّة ما تقدّم من الاجماع وطريقة الاحتياط ، وقوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) يدلّ على أنّ التكبير أيضا واجب في الفطر (٢).
ـ (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة : ١٨٦].
[إن سأل سائل] فقال : كيف ضمن الإجابة وتكفّل بها ، وقد نرى من يدعو فلا يجاب؟
__________________
(١) الرسائل ، ٢ : ٢٥.
(٢) الانتصار : ٥٧.