الأذان يعدّ أمرا مناسبا جدّا. وكما أشرنا فإنّ هذه الجملة كانت تذكّر في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأذان (١) ولا دليل على كونها قد نسخت (٢).
إذا ، فالشيعة حينما اعتبروا هذه الجملة جزءا من الأذان والإقامة لم ينحو إلّا طريق الصواب وما عملوا إلّا بسنّة وسيرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولأن بقيّة الفرق الإسلاميّة منعت هذا الأمر فإنّ هذا صار من مختصّات الشيعة وتحوّل إلى شعار ، يرتل على المآذن حينما كان يدخل كلّ قائد شيعي إلى منطقة من المناطق أو مدينة من المدن (٣).
٢) الشهادة الثالثة في الأذان (٤)
هناك روايات في مصادر الفريقين من قبيل الكتب الأربعة والصحاح الستّة
__________________
(١) سنن البيهقي ، ١ : ٤٢٤.
(٢) يقول السيّد المرتضى : وممّا انفردت الإمامية : أن تقول في الأذان والإقامة بعد قول : «حيّ على الفلاح» : حيّ على خير العمل. والوجه في ذلك إجماع الفرقة المحقّة عليه. وقد روت العامّة أنّ ذلك ممّا كان يقال في بعض أيّام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما ادعي أن ذلك نسخ ورفع ، وعلى من ادعى النسخ الدلالة له ، وما يجدها».
(٣) يقوى أن احتمال أن تكون مدينتي قم وكاشان والّتي كانت تقطنها الشيعة من المدن الّتي كانت تجهر بهذه الجملة في الأذان قبل القرن الرابع في أغلب أحيائها. وقد كانت الشيعة تجهر بهذه الجملة ببغداد وفي احياء من قبيل القطيعة (الكاظميّة) والكرخ وفي مسجد براثا. فقد نقل القاضي التنوخي نقلا عن أبي الفرج الإصفهاني أنه قد سمع مؤذّنا يذكر حيّ على خير العمل في أذانه. لكن في أوّل أيّام السلجوقيين أي سنة ٤٤٨ تمّ منع الشيعة من ذكره في الأذان. وكان طغرل السلجوقي قد أجبر سكان حيّ الكرخ أن يقولوا جملة «الصلاة خير من النوم» (في أذان الصبح) بدل «حيّ على خير العمل».
(٤) عدّ هذه الجملة من الأذان غير متّفق عليه قال الشيخ الصدوق : والمفوّضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا وزادوا في الأذان «محمّد وآل محمّد خير البريّة» مرّتين ، وفي بعض رواياتهم أشهد أنّ محمّد رسول الله «أشهد أنّ عليّا وليّ الله» مرّتين ، ومنهم من روى بدل ذلك «أشهد أنّ عليّا أمير المؤمنين حقّا» مرّتين ولا شكّ أنّ عليّا ولي الله أمير المؤمنين حقّا وأنّ محمّدا وآله صلوات الله عليه خير البريّة ، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان ، وإنّما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتّهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم في جملتنا أقول مراده رحمهالله من المفوّضة ـ على ما فسّره بعض الأساطين ـ خطّ الغلوّ السياسي في الشيعة وأيّا كان هم غير المعتزلة القائلين بتفويض أعمال العباد إليهم.