يجب عليها حداد ، وإنّما يجب أن تمتنع من الأزواج وهي وإن لم تعلم بطلاق زوجها ممتنعة من العقد عليها ، فلم يضرّها في مرور زمان العدّة عليها فقد علمها.
وليس كذلك المعتدّة عن الوفاة ، لأن الواجب عليها الحداد وهي عبادة ، ولا يكفي فيها مرور الزمان.
ويمكن أن يستدلّ على ذلك أيضا بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً).
والتربّص يقتضي قولا يقع من جهتين ولا يجوز أن يكون المراد به مرور الزمان ، لأنّ مرور الزمان من غير علم ولا تعمّد لا يسمّى تربّصا.
فإن قيل : فقد قال الله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ). فأضاف التربّص إليهن ، وأنتم تقولون إن مرور الزمان في المطلقة يكفي ، قلنا : لو خلّينا والظاهر لقلنا في الأمرين قولا واحدا ، لكن قام الدليل على أنّ المطلقة يكفي فيها مرور الوقت ، وحملنا قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) على من علمت بوقت طلاقها منهن ولم يخف عليها (١).
ـ (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة : ٢٣٦].
[قال الناصر رحمهالله :] «النكاح جائز وإن لم يذكر المهر ، ولا مهر لها إذا لم يسمّ لها مهرا».
عندنا : أنّ عدم ذكر المهر لا يخلّ بالنكاح ، ومن تزوّج امرأة ولم يسمّ لها مهرا ، فإن دخل بها كان عليه مهر مثلها ، فإن طلّقها قبل أن يدخل بها فليس لها عليه مهر ، ولها عليه متعة ...
فأمّا الذي يدلّ على أنّ خلوّ عقد النكاح من ذكر مهر لا يفسده فهو بعد
__________________
(١) الناصريات : ٣٥٩.