الاجماع المتردّد قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) والطلاق لا يقع إلّا في النكاح الصحيح ، فلو لم يكن النكاح صحيحا مع فقد ذكر المهر لكان الطلاق باطلا ، ولا فرق في عدم ذكر المهربين السكوت عنه وبين أن يشرط ألّا مهر.
والذي يدلّ على وجوب المتعة قوله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ). وفي آية أخرى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً).
وظاهر الأمر يقتضي الوجوب (١).
(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة : ٢٣٧].
اعلم أنّ من المتكلّمين في أصول الفقه من ذهب إلى أنّ الشرط إذا تعقّب عموما ، وكان الشرط يتعلّق ببعض ذلك العموم ، فإنّه غير واجب أن يحمل العموم على أن المراد به بعض ما تناوله لفظه ، بل يحمل على ظاهر عمومه ، وضربوا لذلك مثلا ، من قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) إلى قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) ومعلوم أنّ العفو لا يصحّ من كلّ مطلّقة ، وإنّما يصحّ من البالغات الكاملات ، وهنّ بعض من تقدّم ذكره ، ومع هذا ، القول الأوّل على عمومه وذكروا مثالا آخر ، وهو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (٢) فإنّه عامّ في جميع المطلّقات ، وإن تعقّبه ما يقتضي الاختصاص ، من قوله تعالى : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (٣) وذلك لا يتأتّى إلّا في الرجعيّة.
__________________
(١) الناصريات : ٣٣٤.
(٢) سورة الطلاق ، الآية : ١.
(٣) سورة الطلاق ، الآية : ٢.