والجواب عن ذلك : أنّا نقول إنّ خطأه مرفوع ، وإنّه غير مؤاخذ به ، وإنّما تجب عليه الصلاة بالأمر الأوّل ؛ لأنّه لم يأت بالمأمور به.
فإن تعلّقوا بما روي : من أن قوما أشكلت عليهم القبلة لظلمة عرضت فصلّى بعضهم إلى جهة وبعضهم إلى غيرها ، وعلموا ذلك ، فلمّا أصبحوا ورأوا تلك الخطوط إلى غير القبلة وقدموا من سفرهم سألوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك فسكت ، ونزل قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (١).
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أجزتكم صلاتكم» (٢).
والجواب عن ذلك : أنّا نحمل هذا الخبر على أنّهم سألوه عليهالسلام عن ذلك بعد خروج الوقت ، وهذا صريح في الخبر ، لأنّه كان سؤالهم بعد قدومهم من السفر ، فلم يأمرهم عليهالسلام بالإعادة ، لأنّ الإعادة على مذهبنا لا تلزم بعد خروج الوقت.
وأصحاب الشافعي يتأوّلون الخبر على أنّه كان في صلاة التّطوع (٣) ، ويروون عن ابن عمر أنّه قال : نزلت هذه الآية في التّطوع خاصّة (٤).
والتأويل الّذي ذكرناه يغني عن هذا (٥).
ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٤٦].
أنظر الأنعام : ٣٣ من الأمالي ، ٢ : ٢٢٨.
ـ (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) [البقرة : ١٤٨].
أنظر آل عمران : ١٣٣ من الذريعة ، ١ : ١٤٠.
ـ (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٥١].
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١١٥.
(٢) سنن البيهقي ، ١٠ : ٢ وفيه «أجزأت».
(٣) المجموع ، ٣ : ٢٤٣ ، ٢٤٤.
(٤) أحكام القرآن (للقرطبي) ، ٢ : ٨٠.
(٥) الناصريات : ٢٠٢.