[الخامس] : فصل فيما يعلم كذبه من الأخبار باضطرار أو اكتساب
إعلم أنّ الخبر إنّما يعلم باضطرار أو اكتساب أن مخبره ليس على ما تناوله بغيره لا بنفسه ومثال ما يعلم بطلانه باضطرار خبر من أخبر بأنّ السماء تحتنا ، والأرض فوقنا ، وأنّ جبلا بحضرتنا ، ونحن لا نراه مع السلامة وارتفاع الموانع ، فأمّا الخبر الّذي يعلم بطلانه باكتساب فهو كلّ خبر علمنا أنّ مخبره ليس على ما تناوله بدليل عقليّ أو بالكتاب أو السنّة أو الإجماع.
وقد ألحق قوم بهذا الباب لواحق :
منها : أن يكون الخبر لو كان صحيحا ، لوجب قيام الحجّة به على المكلّفين ، فإذا لم يقم به علم أنّه باطل.
ومنها : أن يكون الخبر ممّا لو كان صحيحا لعلم أهل العلم إذا فتّشوا عنه ذلك ، فإذا لم يعلم مع التفتيش ، علم كونه كذبا.
ومنها : أن يكون المخبر عنه ممّا تقوي الدواعي إلى نقله ، وتمنع من كتمانه ، فإذا لم ينقل ـ والحال هذه ـ علم كونه كذبا.
ومنها : أن تكون الحاجة ماسّة في باب الدين إلى نقله ، فإذا لم ينقل كما نقلت نظائره علم بطلانه.
ومنها : أن يكون في الأصل وقع شائعا ذائعا ، ومثله في العادة لا يضعف نقله ، بل يكون حاله في الاستمرار كحاله في الأوّل.
واعلم أنّ هذه الوجوه إن صحّت كلّها أو بعضها ، فإنّما هي تفصيل لما أجملناه في قولنا : بدليل عقليّ ؛ لأنّ الأدلّة العقليّة المبتنية على العادات واختيارها ، إليها فزع من ألحق هذه الوجوه ، فما صحّ منها من كلّ أو بعض فهو داخل في الجملة الّتي ذكرناها.
والكلام في تصحيح كلّ واحد من هذه الوجوه الملحقة يطول جدّا ، ويخرج عن الغرض لكنّا نشير إلى جملة كافية :