إلى الإمساك عن هذا المخبر ، من وصول إلى نفع ، أو دفع مضرّة ، فلا يجب أن يكذّبوه ، بل ربما صدّقوه ، أو صدّقه بعضهم.
فأمّا إلحاق قوم بهذا الباب خبر المخبر بحضرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن شيء فلم ينكره عليه ، فإنّه يجب أن يكون صدقا.
فالواجب أن يقسّم هذا الموضع قسمين : فنقول : إن كان هذا المخبر ادّعى عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم المشاهدة لما خبر عنه ، فلم ينكر عليه ؛ فهو دليل على صدقه ، وإن كان أطلق الخبر إطلاقا ، ولم يدّع عليه شيئا ؛ فإنّه لا يكون إمساكه عن النكير عليه دلالة على صدقه ، وإنّما قلنا ذلك ؛ لأنّه لا يجوز عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنكار ما لا يعلمه منكرا. وإذا أخبر الواحد بحضرته عمّا لا يعلمه ، فهو مجوّز في خبره الصدق والكذب.
وقد ألحق قوم بهذا الباب أن يعلم أن الأمّة أجمعت على العمل بمخبر بعض الأخبار لأجله ، وادّعوا أنّ ذلك يدلّ على كون الخبر حجّة مقطوعا بها ؛ لأنّه لو لم يكن كذلك لردّه بعض وقبله بعض آخر ، وادّعوا أنّ عادتهم بذلك جارية.
وهذا ليس بصحيح ؛ لأنّ بإجماعهم على الحكم يعلم صحّته ، فأمّا أن يعلم صحّة الخبر الّذي عملوا به ، ولأجله ، فلا يجب ذلك ؛ لأنّهم قد يجمعون على ما طريقه الظنّ ، كالقياس والاجتهاد وأخبار الآحاد. والعادة المدّعاة غير صحيحة ، ولا معلومة. وقد استقصينا في الكتاب الشافي الكلام على هذه النكتة عند تعويل مخالفينا في صحّة الخبر المرويّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله «لا تجتمع أمّتي على خطأ» على مثل هذه الطّريقة (١).
__________________
(١) الشافي في الإمامة ، ١ : ٥١٠.