[الحادي عشر] : فصل في أن النقصان من النص
هل يقتضي النسخ أم لا؟
إعلم أنّه لا خلاف في أنّ النقصان من العبادة يقتضي نسخ المنقوص ، وإنّما الكلام في [انّه] هل يقتضي ذلك نسخ المنقوص منه ، فذهب قوم إلى أنّه يقتضي نسخ العبادة المنقوص منها ، وذهب آخرون إلى أنّه لا يقتضي ذلك.
والواجب أن يعتبر هذا النقصان ، فإن كان ما بقي بعده من العبادة ، متى فعل ، لم يكن له حكم في الشريعة ، ولم يجر مجرى فعله قبل النقصان ، فهذا النقصان نسخ له ، كما قلناه في زيادة ركعتين على ركعتين على جهة الاتّصال ؛ لأنّ العلّة في الموضعين واحدة. وإن لم يكن الأمر على ذلك ؛ فالنقصان ليس بنسخ لتلك العبادة. ومثال ذلك أن ينقص من الحدّ عشرون ؛ فإنّ ذلك لا يكون نسخا لباقي الحدّ. وعلى هذا لو نقصت ركعتان من جملة ركعات لكان هذا النقصان نسخا لجملة الصلاة ؛ لأنّ الصلاة بعد النقصان قد تغيّر حكمها الشرعيّ. ولو فعلت على الحدّ الّذي كانت تفعل عليه من قبل ، لم يجز ، فجملتها منسوخة.
فأمّا نسخ الطهارة بعد إيجابها ، فهو غير مقتض لنسخ الصلاة ؛ لأنّ حكم الصلاة باق على ما كان عليه من قبل. ولو كان نسخ الطهارة يقتضي نسخ الصلاة لوجب مثله في نجاسة الماء وطهارته ، وقد علمنا أنّ تغير أحكام نجاسة الماء وطهارته لا يقتضي نسخ الطهارة ، لأنّه إنّما قيل له : تطهّر بالماء الطاهر ، ثمّ الماء الطّاهر منه والماء النجس موقوف على البيان ، وقد يتغيّر بزيادة ونقصان ، ولا يتعدّى ذلك التغيّر إلى نسخ الطهارة.
فأمّا نسخ القبلة ، فذهب قوم إلى أنّه نسخ للصلاة ، وذهب آخرون إلى أنّه ليس بنسخ ، وجعل القبلة شرطا كتقديم الطهارة.
والّذي يجب تحصيله في هذه المسألة أن نسخ القبلة لا يخلو من أن ينسخ بالتّوجّه إلى جهة غيرها ، أو بأن يسقط وجوب التوجّه إليها ويخيّر فيما عداها من