الحدّ وكانت قبل الزيادة كلّه ؛ لأنّ قولنا «بعض» و «كلّ» ليس من الأحكام الشرعيّة ، وكذلك قولنا «نهاية» و «غاية» ، ولأنّه يلزم مثل ذلك في فرض صلاة اليوم والليلة ؛ لأنّ الصلاة لو زيد فيها سادسة ، لكان الوصف بالكلّ والبعض والنهاية يتغيّر ومع ذلك فليس بنسخ ، ولو أنّه تعالى أوجب بدلوك الشمس صلاة أخرى ، لكان سبب الوجوب واحدا ، وإن لم يكن نسخا.
فأمّا تعلّقهم بردّ الشهادة ، وأنّه كان متعلّقا بالثمانين ، ثمّ تعلّق بما زاد عليها ، فقد تغيّر الحكم الشرعيّ ؛ فليس بشيء ؛ لأنّ ردّ الشهادة إنّما يتعلّق بالقذف ، لا بإقامة الحدّ ، كما يتعلّق بفعل سائر الكبائر.
ولو سلّمنا أنّ ردّ الشهادة يتعلّق بالحدّ ، لا بالقذف ؛ لكان لنا أن نقول : إنّه يتعلّق بكونه محدودا ، ولا إعتبار بزيادة عدد الحدّ ونقصانه في الحكم الّذي هو ردّ الشهادة ، كما أنّ الإحرام لما كان علّة في تحريم الصيد ، لم يختلف في ذلك كونه محرما ، بحجّ وعمرة ، أو بأحدهما ؛ لأنّ المعتبر كونه محرما. وكذلك لا فرق بين كونه محدثا بجهة واحدة ، أو بجهات ؛ لأنّ المعتبر في الأحكام الشرعيّة كونه محدثا ، من غير أن يكون لزيادة الاحداث أو نقصانها تأثير. وجرى ذلك أيضا مجرى إباحة تزويج المعتدّة إذا انقضت عدّتها في أن عدّتها زادت أو نقصت فالحكم فيما ذكرناه لا يتغيّر ، ولا تكون الزيادة في العدّة أو النقصان نسخا لإباحة تزويج المعتدّة.
على أنّ هذا بعينه لازم للمخالف ؛ لأنّ زيادة العبادة قد تؤثّر في ردّ الشهادة وإن لم يتعلّق بالمزيد عليه كتأثيرها إذا تعلّقت ؛ لأنّ ردّ الشهادة إذا كان شرطه الفسق ـ وقد علمنا أنّ الفسق يتغيّر بزيادة عبادات ونقصانها إذا وقع الإخلال بها ـ فيجب لذلك تغيّر الحكم في ردّ الشهادة ، وهذا يقتضى أنّ زيادة كلّ عبادة وإن لم يتعلّق بغيرها ، ولا كانت متّصلة بها ، تقتضي النسخ.