وقال تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (١) فنفى عن نفسه أن يكون كفرهم من عنده تعالى.
وقال عزوجل : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) (٢) وقال تعالى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً) (٣) فلو كان الله فعل الكيد والمكر بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد مكر بنبيّه وكاده ، تعالى الله عن ذلك.
وقال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) (٤) ولو كان اتّخاذهم الولد فعل الله كان قد اتّخذ ولدا ، ولو كان قد فعل عباده فعله كان له شريك في الملك ، تعالى عن ذلك.
ولو قصدنا إلى استقصاء ما يدلّ على مذهبنا في أنّ الله لم يفعل الظلم والجور والكذب وسائر أفعال العباد لطال بذلك الكتاب ، وفيما ذكرناه كفاية ، والحمد لله ربّ العالمين.
الأخبار المانعة من نسبة الشر إلى الله تعالى
وأمّا ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من إضافة الحسن إلى الله والسوء إلى العباد ما روي عن أبي امامة الباهلي (٥) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اضمنوا لي أشياء أضمن لكم الجنّة. قالوا : وما هي يا رسول الله؟ قال : لا تظلموا عند قسمة مواريثكم ، ولا تجبنوا عند قتال عدوّكم ، وامنعوا ظالمكم من مظلومكم ، وانصفوا الناس من أنفسكم ، ولا تغلوا غنائمكم ، ولا تحملوا على الله ذنوبكم.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٧٩.
(٢) سورة الأنفال ، الآية : ٣٠.
(٣) سورة الطارق ، الآية : ١٥.
(٤) سورة الإسراء ، الآية : ١١١.
(٥) أبو إمامة الباهلى واسمه صدى بن عجلان الصحابى ، كان من المشاهير سكن مصر ثمّ حمص وبها توفي سنة ٨١ ، وهو آخر من توفى من الصحابة بالشام. (أسد الغابة : ٥ / ١٣٨).