[فيها أمور :
الأوّل :] وممّا إنفردت به الإمامية القول : بأنّ الخمر محرّمة على لسان كلّ نبيّ وفي كلّ كتاب نزل ، وأنّ تحريمها لم يكن متجدّدا ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أنّها متجدّدة التحريم.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة ؛ فانهم لا يختلفون فيما ذكرناه ...
فإن عورضنا بما يروونه من الأخبار الواردة بتجديد تحريم الخمر وذكر أسباب تحريمها ، فجوابنا أنّ جميع ما روي في تجديد تحريمها أخبار آحاد ضعيفة ، لا توجب علما ولا عملا ، ولا يترك ما ذكرناه من الأدلّة القاطعة بمثل هذه الأخبار.
فأمّا ما يدعيه اليهود والنصارى من تحليل أنبيائهم لها فكذب منهم عليهم ، كما كذبوا على أنبيائهم في كلّ شيء كذّبهم المسلمون فيه ، ولا حجّة فيما يدّعيه هؤلاء المبطلون المعروفون بالكذب (١).
[الثاني :] ... روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : انّ الله لم يجعل شفاكم فيما حرّم عليكم ، ولهذا الذي ذكرناه تأوّل قوم قوله تعالى : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما)، على أنّ المنافع هاهنا هي المكاسب (٢) ...
[الثالث :] قال ابن عبّاس رحمهالله في قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) قال : ما فضل من أهلك (٣).
ـ (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة : ٢٢١].
وممّا إنفردت به الإمامية حظر نكاح الكتابيات ، وباقي الفقهاء يجيزون ذلك (٤) ، دليلنا بعد الاجماع المتقدّم قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ)، ولا شبهة في أنّ النصرانية مشركة ، وقوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ
__________________
(١) الانتصار : ٢٠٠.
(٢) الانتصار : ٢٠٣.
(٣) الأما لي ، ١ : ٣٨٨.
(٤) المغني (لابن قدامة) ، ٧ : ٥٠.