كالكافر ، وأن يكون المعتبر حصول الظّنّ ، من غير اعتبار الشروط الّتي يوجبونها في خبر الواحد ، ولا أحد يقول بذلك ، على أنّ العقول مانعة من الإقدام على ما يجوّز المقدم عليه أن يكون مفسدة ، فلم صاروا بأن يوجبوا العمل بخبر الواحد تحرّزا بأولى ممّن قال : إنّه لا يحسن الإقدام على ما أخبر به مع تجويز كونه مفسدة.
وهذه الطريقة أيضا توجب العمل على قول مدّعي الرسالة لهذا الضرب من الاحتياط والتحرّز.
فأمّا الخبر الّذي رووه عن أمير المؤمنين عليهالسلام فمخالف لأصولهم ؛ لأنّه تضمّن أنّه كان يستحلف من يخبره ، فإذا حلف صدّقه ، وعندهم أنّ الاستحلاف غير واجب ، والتصديق بعد الاستحلاف لا يجوز ؛ لأنّ معنى التصديق هو القطع على صدقه ، وخبر الواحد لا يقطع على صدقه وإن حلف ، ثمّ قال : وحدّثني أبو بكر وصدق أبو بكر ، وعندهم أن من يعمل على قوله لعدالته لا يقطع على صدقه ، فليس يشبه هذا الخبر ما يذهبون إليه. وقد بيّنّا في الكتاب الشافي ـ لمّا تعلّق صاحب الكتاب المغني به ـ تأويله ، وقلنا : إنّه غير ممتنع أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام سمع ما خبّره به أبو بكر من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما سمعه أبو بكر ، فلهذا صدّقه (١).
[في الجواب عن قول أبي علي الجبائي في العمل بقول الاثنين]
فأمّا الكلام على أبي علي الجبّائيّ في العمل بقول الاثنين والامتناع من العمل بخبر الواحد ، فهو جار مجرى الكلام على أصحاب خبر الواحد ؛ لأنّنا نقول له : من أين علمت أنّ الصحابة عملت بخبر الاثنين؟! وإنّما يرجع في ذلك إلى روايات الآحاد ، وما طريقه العلم لا يرجع فيه إلى ما يقتضي غلبة الظنّ ، فإن
__________________
(١) الشافي ، ٢ : ٣٨.