ادّعى ما تقدّم ذكره من العلم الضروريّ على سبيل الجملة ؛ فالكلام على ذلك قد تقدّم.
ثمّ إذا سلّمنا له هذه الأخبار الّتي رواها ، واعتمد عليها ، من خبر الجدّة ، وأنّ المغيرة بن شعبة خبر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ لها السدس ، فلم يعمل أبو بكر بقوله ، حتّى خبّره محمّد بن مسلمة مثله ، فأعطاها السدس ، وكما فعله عمر بن الخطّاب في امتناعه من قبول قول أبي موسى الأشعريّ في الاستيذان ، حتّى جاءه أبو سعيد الخدريّ ، فقبل ذلك ، واستدلاله بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقبل خبر ذي اليدين في الصلاة حتّى سأل أبا بكر وعمر.
وكان لنا أن نقول له ما قلناه لمن عمل بخبر الواحد : ما تنكر أن يكون خبر الثاني أذكر ، فوقع العمل على الذكر دون قوله ، أو نبّه على طريقة من الاجتهاد كان التعويل عليها ، حسب ما بيّنّاه في كلامنا المتقدّم ، ولو لم يذكر الخبر الثاني أو ينبّه ، ما عمل به ، كما أنّ ذلك لمّا لم يحصل عند خبر الواحد ، لا يعمل به. وهذا الّذي قلناه أشبه بالحال ؛ لأنّ كلّ من روى عنه أبو عليّ أنّه ردّ خبر الواحد وعمل بخبر الاثنين قد عمل في مواضع أخر عند خبر الواحد مع عدالته وظهور أمانته ، فعلمنا أنّه لم يتوقّف لشكّه فيه ، وإنّما توقّف إمّا لمراعاة العدد على ما ادّعى أبو علي أو لأنّه لم يذكر ، أو ينبّه على ما قلناه. ولا يجوز أن يكون التوقّف لأجل العدد ؛ لأنّه قد عمل عند خبر الواحد في مواضع شتّى ، فثبت ما ذكرناه.
وأما خبر ذي اليدين فخبر باطل مقطوع على فساده ؛ لأنّه يتضمّن أنّ ذا اليدين قال له عليهالسلام : «أقصّرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت» وأنّه قال عليهالسلام : كلّ ذلك لم يكن» ، وهذا كذب لا محالة ؛ لأنّ أحدهما قد كان على قولهم ، والكذب بالقول لا يجوز عليه. وكذلك السهو في الصلاة. على أنّه يلزم أبا عليّ أيضا أن لا يعمل بخبر الاثنين ؛ لأنّ النبيّ عليهالسلام لم يعمل بخبر ذي اليدين وخبر أبي بكر ، حتّى انضاف إليهما عمر.