لاستمرار أسبابه ، ولضعف الدواعي إلى تحقيق المسألة ، والقطع على الحقّ فيها. وكلّ هذه الأمور الّتي يتعلّلون بها تقريبات لا تقتضي قطعا ، ولا توجب علما.
[الرابع عشر :] فصل في حكم القول إذا وقع من الصحابيّ
ولم يظهر ولم يعرف له مخالف
اعلم أنّ في الفقهاء من يجري هذه المسألة مجرى الإجماع ، وهذا بعيد جدّا ؛ لأنّ القول إذا لم تقع الثقة بسماع كلّ واحد من العلماء له ، وجوّزنا أن يكون فيهم من لم يسمعه فكيف يقطع على رضاهم به ، أو وجوب إنكاره عليهم وهم لم يسمعوه؟! ولم يبق إلّا أن يقال : إذا نقل في الحادثة قول واحد ، ولم ينقل سواه ؛ وجب أن يكون هو الحقّ ؛ لأنّ الحقّ لو كان في غيره ، لنقل ، كما نقل هذا. وذلك أيضا لا يلزم ؛ لأنّه لا يمتنع أن يكون المحقّ في هذه المسألة ما دعاه داع إلى أن يفتي بالحقّ فيها ، فلا ينقل قوله ؛ لأنّه لم يكن له قول يجب نقله. فإن قدّرنا أنّ الحاجة ماسّة ، والدواعي متوفّرة إلى قول الحقّ فيها ، ومع هذا لم يظهر إلّا قول واحد ، فلا بدّ من شرط آخر زائدا على ما ذكروه ، وهو أن لا يكون للمحقّ مانع من إظهار الحقّ ؛ لأنّا إن جوّزنا أن يكون هناك مانع ، لم يقطع على أنّ الحق فيما ظهر ، دون ما لم يظهر. وهذه جملة كافية.
[الخامس عشر :] فصل في هل يجوز مع اختلاف الصحابة
اتّباع بعضهم دون بعض
اعلم أنّه قد ذهب قوم من الفقهاء وغيرهم إلى أنّه يجوز أن نأخذ مع اختلاف الصحابة بقول بعضهم دون بعض ، وجوّزوا أيضا للعالم أن يقلّد من هو