أعلم منه ، وامتنع آخرون من ذلك كلّه ، وذهبوا إلى أنّه لا يجوز لمن يتمكّن من العلم أن يقلّد غيره ، وأن يتّبعه بغير دلالة ، وهو الصحيح. ومعلوم أنّ هذه المسألة مبنيّة على القول بصحّة الاجتهاد ، وأنّ كلّ مجتهد مصيب ، وأنّ الحق ليس في واحد من الأقوال ، وإذا كنّا لا نذهب إلى هذا الأصل ، فلا معنى للكلام في التفريع عليه. وقد أجمع كلّ من نفى القياس والاجتهاد في الشريعة على أن ذلك لا يجوز. والّذي نذهب إليه أنّ على السمعيّات أدلّة قاطعة توجب العلم كالعقليّات ، وكما لا يجوز لأحد أن يقلّد غيره في العقليّات ، كذلك لا يجوز في السمعيّات ، فالعلّة الجامعة بين الأمرين أنّه متمكّن من أن يكون كالعالم بالنّظر والفحص ، وإذا تمكّن من ذلك ؛ لم يجز له التقليد ، وإن جاز للمستفتي تقليد العالم ؛ لأنّه لا يتمكّن من العلم ، ولا ممّا يتمكّن منه العالم. وفي هذا القدر كفاية (١).
__________________
(١) الذريعة ، ٢ : ٦٠٣ إلى ٦٥٦.