إذا زوّجت نفسها فذلك نكاح بولي ، لأنّ الولي هو الذي يملك الولاية للعقد ، ومن ادّعى أن لفظة «ولي» لا تقع إلّا على ذكر ، مبعد ، لأنّها تقع على الذكر والأنثى فيقال رجل ولي وإمرأة ولي كما يقال فيهما وصيّ (١).
ـ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة : ٢٣٤].
[قال الناصر رحمهالله :] «المتوفى عنها زوجها تعتدّ من يوم يبلغها نعي الزوج ، وكذلك المطلّقة».
الذي يذهب إليه أصحابنا : أنّ الرجل إذا طلّق امرأته وهو غائب عنها ثمّ ورد الخبر عليها بذلك وقد حاضت من يوم طلّقها إلى ذلك الوقت ثلاث حيض ـ فقد خرجت من عدّتها ولا عدّة عليها بعد ذلك ، وإن كانت حاضت أقلّ من ثلاث احتسبت من العدّة وثبت عليها تمامها.
وإذا مات عنها في غيبته ووصل خبر وفاته إليها وقد مضت مدّة اعتدّت لوفاته من يوم بلوغ الخبر بالوفاة ، ولم تحتسب بما مضى من الأيّام.
وفي أصحابنا من لم يفرّق بين المطلّقة وبين المتوفى عنها زوجها في الغيبة ، وإنّما يراعي في ابتداء العدّة وقت وقوع الطلاق ، أو الموت (٢).
إلّا أنّه يراعي هذا القائل : أن يكون ما بين البلدين مسافة يمكن العلم معها بوقت الوفاة أو الطلاق.
فإذا كانت كذلك ثبت على ما تقدّم ، وراعت في العدة ابتداء الوفاة ؛ فإن كانت المسافة لا يحتمل معها أن تعلم المرأة بالحال إلّا في الوقت الذي علمت به ، اعتدّت من يوم يبلغها عدّة كاملة ... والذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه بعد الإجماع من القول الأول الذي حكيناه باتّفاق الفرقة عليه ، ولا اعتبار بالشاذ.
ووجه الفرق بين المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها أنّ المعتدّة من الطلاق لا
__________________
(١) الانتصار : ١١٩ وراجع أيضا الرسائل ١ / ٢٣٥. والناصريات : ٣١٩.
(٢) مختلف الشيعة ، ٤٧٩ و ٤٨٠.