ويمكن أن يعارض المخالف أيضا بما يروونه عن ابن عباس رحمهالله أنّ رسول الله قال : «ليس للولي مع الثيب أمر» (١).
وأيضا ما رواه ابن عباس عنه رضى الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «الأيم أحقّ بنفسها من وليّها» (٢) ، فمن يخالفنا في هذه المسألة يدّعي أنّ وليّها أحقّ بها من نفسها.
وأيضا ما روي من أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطب إلى أمّ سلمة «رحمة الله عليها» فقالت : ليس أحد من أوليائي حاضرا ، فقال : ليس أحد من أوليائك حاضرا أو غائبا إلّا ويرضى بي ، ثم قال لعمر بن أبي سلمة ـ وكان صغيرا ـ : قم فزوّجها. فتزوّجها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بغير ولي (٣).
فان احتج المخالف بما رووه عنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل» (٤). فالجواب عنه : أنّ هذا الخبر مطعون عليه ، مقدوح فيه بما هو مذكور في الكتب ، ويمكن حمله ـ إذا كان صحيحا ـ على الأمة إذا تزوّجت بغير إذن مولاها ؛ فانّ لفظة الولي والمولى بمعنى واحد في اللغة ، وقد ورد في بعض الروايات في هذا الخبر : «أيّما امرأة نكحت بغير إذن مواليها» (٥) ، فان قيل : في الخبر ما يمنع من حمله على الأمة وهو : «فإن دخل بها فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها» ، والمهر لا يكون للأمة بل للمولى؟
قلنا : يجوز أن يضاف إليها ، وإن كانت لا تملك للعلقة التي بينه وبينها ، وإن كانت ملكا للمولى ، كما قال «صلوات الله عليه وآله» : «من باع عبدا وله مال» (٦) فأضاف المال إلى العبد ، وإن كان للمولى.
وليس لهم أن يحتجّوا بما روي من أنّه لا نكاح إلّا بولي (٧) ؛ لأنّ المرأة
__________________
(١) جامع الأصول ، ١٢ : ١٤٠.
(٢) نفس المصدر.
(٣) سنن ابن ماجة ، ١ : ٦٠٥ ح ١٨٩٧.
(٤) المغني (لابن قدامة) ، ٧ : ٣٣٨.
(٥) المحلّى ، ٩ : ٤٧٤. وفيه : مولاها.
(٦) صحيح البخاري ، ٣ : ١٥١.
(٧) مسند أحمد ، ١ : ٢٥٠.