من الأمرين ، وليس كذلك قولهم : المال لزيد وعمر ؛ لأنّه لا يجوز أن يكون جميع المال لكلّ واحد منهما ، فوجب الاشتراك لهذه العلة ، وجرت الآية مجرى أن يقول : هذا الشهر أجل لدين فلان ودين فلان ، في أنّه يقتضي كون الشهر كلّه أجلا للدينين جميعا ، ولا ينقسم كانقسام المال فوجب الاشتراك لهذه العلة (١).
[الثاني :] وممّا إنفردت به الإمامية القول : بأنّ الجدال الذي منع منه المحرم بقوله تعالى : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) هو الحلف بالله صادقا أو كاذبا وأنّه إن جادل وهو محرم صادقا مرة أو مرتين فليس عليه كفّارة وليستغفر الله تعالى ، فإن جادل ثلاث مرات صادقا فما زاد فعليه دم شاة ، فان جادل مرة واحدة كاذبا فعليه دم شاة ، وإن جادل مرتين كاذبا فدم بقرة ، فإن جادل ثلاث مرات كاذبا فعليه دم بدنة ، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك. والحجّة لنا إجماع الطائفة عليه ، ولأنّ اليقين ببراءة الذمة في قولنا دون قولهم ، فإن قيل : ليس في لغة العرب ، أن الجدال هو الحلف.
قلنا : ليس ينكر أن يقتضي عرف الشريعة ما ليس في وضع اللغة ، على أنّ الجدال إذا كان الخصومة والمراء والمنازعة ، وهذه أمور تستعمل للدفع والمنع والقسم بالله تعالى قد يفعل لذلك ففيه معنى المنازعة والخصومة (٢).
[الثالث : انظر البقرة : ٢٧٨ من الرسائل ، ١ : ١٨١].
ـ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) [البقرة : ١٩٨].
وممّا إنفردت به الإمامية القول بوجوب الوقوف بالمشعر الحرام ، وأنّه ركن من أركان الحج ، جار مجرى الوقوف بعرفة في الوجوب ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يوجبه واحد منهم (٣).
__________________
(١) الانتصار : ٩١.
(٢) الانتصار : ٩٥.
(٣) المغني (لابن قدامة) ، ٣ : ٤٤١.