بشيء ؛ لأنّ النساء وإن كنّ لنا حرثا ، فقد أبيح لنا وطؤهن بلا خلاف في غير موضع الحرث ، كالوطىء دون الفرج وما أشبهه ، ولو كان ذكر الحرث يقتضي ما ذكروه لتنافي أن يقول لنا : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) من قبل أو دبر ، وقد علمنا أنّ ذلك صحيح غير متناف.
ولا يمكن الاستدلال على إباحة ما ذكرناه بما تعلّق به قوم فيها من قوله تعالى : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦)) (١) ، وقالوا : لا يجوز أن يدعو إلى التعوض عن الذكران بالأزواج إلّا وقد أباح منهن في الوطىء مثل ما يلتمس من الذكران ، وكذلك قالوا في قوله تعالى : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) (٢) ؛ فان القول يقتضي أنّ في بناته المعنى المطلوب من الذكران ؛ وذلك لأنّه لا حجة في هذا الضرب من الكلام ؛ لأنّه غير ممتنع أن يذمّهم باتيان الذكران من حيث لهم عنه عوض بوطىء النساء وإن كان في الفروج المعهودة ؛ لاشتراك الأمرين في الاستمتاع واللذة ، وقد يغني الشيء عن غيره وإن لم يشاركه في جميع صفاته ، إذا اشتركا في الأمر المقصود ، ولو صرّح بما قلناه حتى يقول : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦)) (٣) من الوطي في القبل لكان صحيحا ؛ لأنّه عوض ومغن عمّا يلتمس من الذكران (٤).
[انظر أيضا البقرة ٢٦ / ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧].
ـ (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [البقرة : ٢٢٥].
ويوصف تعالى بأنه «غافر» و «غفور» و «ساتر» و «ستّار» و «عفو» ، أمّا غافر وغفور وعفو فإنّما يوصف بها من حيث أسقط العقاب تفضّلا.
وعند المعتزلة أنه يوصف بذلك من حيث لم يفعل العقاب مع وقوع الذنب
__________________
(١) سورة الشعراء ، الآيتان : ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٢) سورة هود ، الآية : ٧٨.
(٣) تقدمت.
(٤) الانتصار : ١٢٥ وراجع أيضا الوسائل ١ : ٢٣٢ ، و ٣٠٠.