[الحادي عشر :] فصل في أنّ موافقة إجماع الأمّة لمضمون خبر
هل يدلّ على أنّهم عملوا به ومن أجله
اعلم أنّه لا يجوز أن تجمع الأمّة على حكم من الأحكام إلّا بحجّة توجب العلم ، لأنّ من جملة المجمعين من لا يجوز عليه الخطأ ، ولا ترك الواجب ، فإذا ظهر بينهم خبر واحد وعملوا بما يوافق مضمونه فليس يجوز أن يقطع على أنّ جميعهم إنّما عمل لأجله ، للعلّة الّتي ذكرناها ، وإن كان متواترا يوجب العلم ، ولم يظهر سواه بينهم ؛ فالأولى أن يكون عملهم لأجله. ومخالفونا في علّة كون الإجماع حجّة يقولون : يمكن أن يكونوا ذهبوا إلى ذلك الحكم المخصوص لأجل اجتهاد أدّاهم إليه ، أو لأجل خبر آخر لم يظهر بينهم ، للاستغناء بالإجماع عنه ، فلا يجب القطع على أنّهم عملوا لأجل هذا الخبر الظاهر. وهذا منهم قريب.
[الثاني عشر :] فصل في [أنّه] هل يجوز أن يجمعوا على الحكم
من طريق الاجتهاد أو لا يجوز ذلك
اعلم أنّ هذه المسألة فرع على القول بصحّة الاجتهاد ، وأنّه طريق إلى العلم بالأحكام ، وأنّ الله تعالى قد تعبّدنا به ، ومن دفع العبادة بالاجتهاد ، وأن يكون طريقا إلى العلم بالأحكام ؛ لا كلام له في هذا الفرع. وإنّما يتكلّم في هذه المسألة من ذهب إلى العبادة بالاجتهاد.
وليس لأحد أن يقول : لم لا تجوّزون وإن لم نتعبّد بالاجتهاد أن يجمعوا مخطئين على حكم من الأحكام من جهة الاجتهاد.
قلنا : يمنع من ذلك أنّه إجماع منهم على الخطأ ، وقد بيّنّا أنّهم لا يجمعون على خطأ ؛ لأنّ في جملتهم من لا يجوز عليه الخطأ ، وإذا كان بين الأمّة اختلاف في صحّة الاجتهاد ، وأنّه طريق إلى العلم بطل تقدير هذه المسألة ؛ لأنّ