والاجتماعية والمدارس الفكرية الّتي عاصرها السيد المرتضى لنشير بعد ذلك إلى موقف المدرسة البغدادية (١) والّتي كان يتزعمها السيّد المرتضى.
ولهذا سنعمد للحديث عن موقف ونتائج المدرسة البغدادية بعد ذكر مقدّمتين :
المقدمة الأولى : الانفتاح السياسي والاجتماعي للشيعة في عصر السيّد المرتضى
ينبغي اعتبار عصر السيّد المرتضى عصرا لخروج المدرسة الشيعيّة من زوايا مدينة بغداد (٢) والّتي كان من نتاجها ترويج هذا المذهب بشكل تصاعدي ومن ثمّ ازدياد الجهود التبليغيّة والعلميّة للشيعة الإمامية. وبعبارة أخرى فقد حصل في هذه الفترة انفتاحا سيّاسا للشيعة تمكنت من خلالها تحكيم جانبها السياسية والاجتماعيّة. وكان لهذه المهمّة الخطيرة بعدان :
١ ـ الجهد التبليغي والعاطفي ؛
٢ ـ الجهد العلمي والثقافي ؛
لقد كانت المهمّة الأولى تقع على عاتق الدولة الشيعيّة والأمّة ، فيما كانت تقع المهمّة الثانية على عاتق علماء هذه المدرسة. ويظهر أنّ هاتين الفئتين كانتا قد انجزتا هذه المهمّة بشكل جيّد. وهنا نشير إلى جانب من تلك الحالة.
١) الجهد التبليغي والعاطفي
لم يكن بإمكان شيعي القدرة على التصريح بعقائده قبل القرن الرابع الهجري إلّا إذا أراد أن يضحي بنفسه.
ولعلّ حكاية ابن السكّيت دليل مؤيّد لهذا الإدعاء فقد روي أنّ ابن السكّيت
__________________
(١) لا يخفى على المطّلع أنّ المقصود من المدرسة البغدادية هو المدرسة البغدادية الثانية حيث كانت فترة الشيخ المفيد والسيّد المرتضى والشيخ الطوسي تمثل مستوى القمّة فيها.
(٢) محطّ كلامنا في هذا البحث مدينة بغداد وإلّا فقد كانت في القرنين الثاني والرابع حكومات شيعية أخرى لها أثرها في تاريخ الشيعة ودورها في ترويج المذهب ، كآل حمدان والفاطميين والعلويّين حكّام طبرستان.