«البيوت» ذلك «أنّ الرجل من العرب كان إذا قصد حاجة فلم تقض له ، ولم ينجح رجع فدخل من مؤخّر البيت ، ولم يدخل من بابه تطيّرا. فدلّهم الله تعالى على أن هذا من فعلهم لا برّ فيه ، وأمرهم من التقى بما ينفعهم ويقربهم إليه» (١). وفي تفسيره لقوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)) (٢) ، يقول : فأمّا الموءودة فهي المقتولة صغيرة ، وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات بأن يدفنوهن أحياء ... ويقال : إنّهم كانوا يفعلون ذلك لأمرين : أحدهما أنهم كانوا يقولون : إنّ الملائكة بنات الله ، فألحقوا البنات بالله ، فهو أحقّ بها منّا. والأمر الآخر أنهم كانوا يقتلونهنّ خشية الإملاق ، قال الله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (٣) (٤).
فالسيّد المرتضى ـ هنا ـ يربط النصّ بسياقه الاجتماعي ، ويلاحظ عادات العرب وتقاليدها في عصر النزول ، وهو أمر اهتمت به الدراسات اللغوية الحديثة ، فاللغة نشاط اجتماعي بازر ، وهي تتأثر بكلّ الظواهر الاجتماعية تأثّرا كبيرا (٥).
الاحتجاج بالقراءات
القرآن : «هو الوحي المنزل للإعجاز والبيان ، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف ، أو كيفيّتها من تخفيف وتشديد وغيرهما» (٦).
والقراءات القرآنية مصدر مهمّ من مصادر دراسة اللغة العربية ، وهي بلا شكّ تعد ثروة أغنت الدرس اللغوي بظواهر لغوية متعدّدة ، ولا سيّما ما يتعلّق منها بالأصوات والصرف والنحو والدلالة ، لذلك عني بها أصحاب المعاني والمفسّرون واللغويّون سواء أكانت هذه القراءات مشهورة أم غير مشهورة.
وقد اختلف العلماء في القراءات القرآنية من حيث التواتر وعدمه ، فالجمهور
__________________
(١) أمالي المرتضى ، ١ : ٣٧٧.
(٢) سورة التكوير ، الآيتان : ٨ ـ ٩.
(٣) سورة الأنعام ، الآية : ١٥١.
(٤) أمالي المرتضى ، ٢ : ـ ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، وينظر معاني القرآن ، ٥ : ٢٩٠.
(٥) ينظر اللغة العربية معناها ومبناها : ٣٤٢.
(٦) اتحاف فضلاء البشر ، الدمياطي : ٥.