فإذا قيل : الآية تمنع في المعنى من اليمين مع الشاهد من حيث كانت اليمين هي قول المدّعي ، فجرت مجرى دعواه.
قلنا : غير ممتنع أن لا يكون لدعواه حكم ، ويكون ليمينه حكم ، وإن كانا معا قولا له ، ألا ترى أنّه لا حكم لإنكاره ، ولنكوله عن اليمين حكم ، ولم يجريا في الشريعة مجرى واحدا ، وإن كانا راجعين إلى قوله. وكذلك لإنكاره في إسقاط الدّعوى واليمين ، وليمينه هذا الحكم ؛ لأنّها تسقط الدّعوى ، فكذلك لا يمتنع إذا حلف مع شاهد أن يكون لقوله من الحكم ما لا يكون لدعواه إذا تجرّدت.
فأمّا مثال الزّيادة المتّصلة ، وإن كانت غير مؤثّرة ، فكزيادة العشرين على حدّ القذف ، وزيادة النّفي على حدّ الزاني البكر ، وزيادة الرّجم على حدّ المحصن.
فأمّا مثال الزّيادة المنفصلة ؛ فكزيادة صلاة سادسة ، وشهر للصيام ثان ، ولا خلاف في أنّ ذلك لا يقتضي نسخا ، وإنّما هو ابتداء عبادة.
والخلاف إنّما هو في الزيادة المتّصلة المتعلّقة بالمزيد عليه ، كالزيادة في الحدّ : فمن النّاس من ألحق ذلك بزيادة الركعتين على الركعتين ، وفيهم من أجراه مجرى زيادة صلاة سادسة.
والّذي يدلّ على أن الزيادة في الحدّ لا توجب النسخ أنّها لا تؤثّر في تغيّر حكم شرعيّ معقول للمزيد عليه ؛ لأنّ من المعلوم أنّ المزيد عليه يفعل بعد التعبّد بالزيادة على الحدّ الّذي يفعل عليه قبلها ، وإنّما يجب ضمّ هذه الزيادة إليه من غير أن يكون إخلاله بضمّ هذه الزيادة مؤثّرا في الأوّل ، فوجب إلحاق ذلك بابتداء التعبّد.
وتعلّقهم بأنّ الاسم واحد والسبب واحد ليس بشيء ، لأنّه غير ممتنع أن يكون الاسم واحدا ، والسبب كذلك ، ويكون ذلك ابتداء تعبّد ، إذا كانت الأحكام الشرعيّة لم تتغيّر ، وهي الّتي عليها المعول في باب النسخ.
وليس لهم أن يقولوا : قد تغيّر حكم شرعي من حيث صارت الثمانون بعض