وعلى هذا الأصل الّذي قرّرناه لو زيد في زمان الصوم زيادة ، لكانت هذه الزيادة تقتضي النسخ ، للعلّة الّتي ذكرناها في الركعتين المتّصلتين.
فأمّا زيادة ركن على أركان الحج ؛ فليس يبين فيه أنّه يكون نسخا ، لانفصال بعض أركان الحجّ من بعض ، وأنّه ليس بجار مجرى الصلاة والصيام.
والأولى أن تكون زيادة تطهير عضو على أعضاء الطهارة ليس بنسخ.
فأمّا إيجاب الصلاة من غير طهارة ، ثمّ اشتراط الطهارة فيما بعد ذلك ؛ فالواجب تقسيمه : فنقول : إن كانت هذه الصلاة يحصل لها بالطهارة حكم شرعيّ ما كان لها من قبل ذلك ، فقد تغيّر بهذه الزيادة حكمها الشرعي ، فيجب أن يكون نسخا. وإن لم يكن لها بهذه الزّيادة حكم شرعيّ لم يكن ، وليس إلّا تقديم فعل الوضوء عليها ؛ لم تكن الزيادة نسخا.
ولو زاد الله تعالى في كفّارة الحنث رابعة ، لم يكن ذلك نسخا للثلاثة ؛ لأنّ الحال في جميع الأحكام الشرعيّة في فعل الثّلاث لم يتغيّر ، وهي مفعولة بعد الزيادة على الحدّ الّذي كانت تفعل عليه قبلها. وإنّما تقتضي هذه الزيادة نسخ ترك الكفّارات الثلاث ؛ لأنّ تركها كان محرّما قبل هذه الزيادة ، فارتفع تحريمه بالزيادة.
فأمّا ورود التّخيير على التّضييق ، أو التضييق على التخيير فالأولى أن يقال فيما تضيّق بعد التخيير : أنّه نسخ ؛ لأنّ أحد المخير فيه خرج عن حكمه الشرعيّ ، فصار منسوخا. ومثاله لزوم صوم شهر رمضان بعد التخيير بينه وبين الفدية.
فأمّا ورد التخيير بعد التضييق ، فالأشبه أنّه لا يكون نسخا ؛ لأنّ حكم الأوّل في نفسه لم يتغيّر ، وإنّما تغيّر حكم الترك ؛ لأنّه كان محرّما ، ثمّ صار مباحا.
فأمّا ورود الخبر بالشاهد واليمين ؛ فإنّه لا يكون نسخا للآية ؛ لأنّا قد بيّنا فيما تقدّم أنّ الشاهد الثاني شرط ، وليس يمتنع أن يقوم مقام الشرط سواه ، وإذا لم تمنع الآية ممّا ورد به الخبر لم يكن فيه نسخ لها.