وإذا غلب في الظنّ صدقه علمنا كون ما أخبر به صلاحا ، وأمنّا من الإقدام على المفسدة ، كما نعلم كون قطع يد السارق عند البيّنة أو الإقرار صلاحا ، ولو لا ذلك لكان مفسدة. وتنتقض أيضا هذه الطريقة بالشهادات إذا عمل بها في الحدود.
ويقال لهم فيما تعلّقوا به ثانيا : لو جاز في الخبر أن تثبت أمارة للمكلّف يأمن بها من كونه كذبا جاز أن يكلّف في الأخبار ما كلّفه في الأفعال. وينتقض ذلك عليهم بالإقرار والبيّنات في الحدود وغيرها.
ويقال لهم فيما تعلّقوا به ثالثا ورابعا ـ فإنّ الوجهين متقاربان ـ : إنّ الرسول لو كان لنا طريق غير المعجز يعلم به كون ما تحمّله مصلحة ، لجاز فيه ما جاز في خبر الواحد. وإنّما لم يعمل بخبر مدّعي النبوّة قبل ظهور المعجز ؛ لأنّه لا طريق إلى العلم بقوله إلّا العلم المعجز ، وليس كذلك الخبر ؛ لأنّ لنا طريقا نأمن به كون الفعل مفسدة ، وهو ما بيّنّاه من قيام الدلالة على وجوب العمل بخبره. وتنتقض هذه الطريقة أيضا بالشهادات والإقرارات وكلّ شيء عمل به مع ارتفاع الثقة بالصدق.
ويقال لهم فيما تعلّقوا به خامسا : لا شبهة في أنّ العمل يتبع العلم ، لكن من أين قلتم : أنّه يتبع العلم بصدق المخبر؟! ، وما أنكرتم أنّه يتبع العلم تارة بصدق المخبر ، وأخرى يتبع العلم بوجوب العمل بقوله مع تجويز الغلط عليه؟!. وتنتقض هذه الطريقة أيضا بالشهادات ، والإقرارات ، والرجوع إلى قول المفتي ، والحاكم.
ويقال لهم فيما تعلّقوا به سادسا : ليس بممتنع فرضا وتقديرا أن يثبت جميع أصول الشريعة بأخبار الآحاد بعد أن يعلم بالمعجز صدق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويعلم من جهة ذلك ، وإن كان قد ثبت الشرع الآن بخلاف ذلك ، والكلام الآن إنّما هو على الجواز ، وقد بيّنّا جوازه. ثمّ يعارضون بالشهادات ، والإقرارات ، ويلزمون جواز مثل ذلك في سائر الأصول.