إلّا خطأ ، بأن لا يحصل له أمارة ظنّ ولا طريقة علم. وقد جوّز الفقهاء ذلك فيمن يختلط بالكفّار من المؤمنين إذا لم يتميّز.
واختلفوا في استثناء الأكثر ممّا يتناوله المستثنى منه ، فمنع منه قوم ، والأكثر يجوّزونه.
والّذي يدلّ على جواز ذلك أنّ استثناء الأكثر في المعنى المقصود كاستثناء الأقلّ ، فيجب جوازه.
وأيضا ؛ فإنّ الاستثناء كالتخصيص في المعنى ، فإذا جاز أن يخصّص الأكثر جاز أن يستثنيه.
وليس لاحد أن يلزم على ذلك جواز استثناء الكلّ ؛ لأنّ ذلك يخرجه من كونه استثناء ؛ لأنّ من حقّه أن يخرج بعض ما تناوله الكلام.
وتعلّق المخالف بأنّه لم يجد أهل اللغة استثنوا الأكثر ، غير صحيح ؛ لأنّه ليس كلّ شيء لم يجدهم فعلوه لا يجوز فعله ، ألا ترى أنّا ما وجدناهم يستثنون النّصف وما قاربه ، وإن كان جائزا بلا خلاف ، وليس كلّ شيء هو الأحسن لا يجوز خلافه ؛ لأن الأحسن عندهم تقديم الفاعل على المفعول ، ثمّ لم يمنع ذلك من خلافه.
فإن قيل : أفيدلّ دخول الاستثناء على الجملة على عموم اللّفظ بعدما أخرجه.
قلنا : قد ذهب قوم إلى ذلك ، والصّحيح أنّه يبقى على ما كان عليه من الاحتمال ، وإنّما تأثير الاستثناء إخراج ما تناوله ، يوضح ذلك أن القائل إذا قال : «ضربت غلماني إلّا زيدا» يجوز له أن يقيم لنا أيضا دليلا على أنّه ما ضرب أيضا عمروا ، فالاحتمال باق (١).
__________________
(١) الذريعة ، ١ : ٢٤٤.