وقال : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) (١) بمعنى أن نضيق عليه كما قال : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (٢) يعني يضيق وقال : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) (٣) أي ضيق (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٤) فأقرّ على نفسه ولم يضف إلى ربّه.
وقال : (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) (٥) من بعد ما قال : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) (٦) ولم يقل من عمل الرحمن.
وقال يوسف عليهالسلام : (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) (٧).
وقال الله تعالى لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي)
(٨).
وقال فتى موسى عليهالسلام : (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ) (٩) ولم يقل وما أنسانيه إلّا الرحمن.
فما قالوه موافق لقول الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)) (١٠) فقال (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ)، ولم يقل رجس من عمل الرحمن ، وقال : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) فعلمنا أنّ ما أراد الشيطان غير ما أراد الرحمن ، وأخبر أنّ الشيطان يصدّ عن ذكر الله ، ولم يقل الرحمن يصدّ عن ذكر الله.
وقال : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) (١١) ولم يقل من الرحمن.
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٨٧.
(٢) سورة الإسراء ، الآية : ٣٠.
(٣) سورة الطلاق ، الآية : ٧.
(٤) سورة الأنبياء ، الآية : ٨٧.
(٥) سورة القصص ، الآية : ١٦.
(٦) سورة القصص ، الآية : ١٥.
(٧) سورة يوسف ، الآية : ١٠٠.
(٨) سورة سبأ ، الآية : ٥٠.
(٩) سورة الكهف ، الآية : ٦٣.
(١٠) سورة المائدة ، الآيتان : ٩١ ـ ٩٠.
(١١) سورة المجادلة ، الآية : ١٠.