وذا الرّأي حين تغمّ الأمور |
|
بذات الصّليل وذات اللّجم |
فنصب «ليث الكتيبة وذا الرأي» على المدح. وأنشد الفرّاء أيضا :
فليت التي فيها النّجوم تواضعت |
|
علي كلّ غثّ منهم وسمين |
غيوث الحيا في كلّ محل ولزبة |
|
أسود الشّرى يحمين كلّ عربن (١) |
وممّا نصب على الذمّ قوله :
سقوني الخمر ثمّ تكنّفوني |
|
عداة الله من كذب وزور |
والوجه الآخر : في نصب : (وَالصَّابِرِينَ) أن يكون معطوفا على ذوي القربى ، ويكون المعنى : وآتى المال على حبّه ذوي القربى والصابرين ؛ قال الزّجاج : وهذا لا يصلح إلّا أن يكون «والموفون» رفع على المدح للمضمرين ، لأنّ ما في الصلة لا يعطف عليه بعد العطف على الموصول ، وكان يقوي الوجه الأول.
وأمّا توحيد الذكر في موضع وجمعه في آخر ؛ فلأنّ «من آمن» لفظه لفظ الوحدة ، وإن كان في المعنى للجمع فالذّكر الذي أتى بعده موحّدا أجرى على اللفظ ، وما جاء من الوصف بعد ذلك على سبيل الجمع مثل قوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ) و (وَالصَّابِرِينَ) فعلى المعنى.
وقد اختلفت قراءة القرّاء السبعة في رفع الراء ونصبها من قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ)، فقرأ حمزة وعاصم في رواية حفص «لّيس البرّ» بنصب الراء ، وروى هبيرة عن حفص عن عاصم أنّه كان يقرأ بالنصب والرفع ، وقرأ الباقون البرّ بالرفع ، والوجهان جميعا حسنان ، لأنّ كلّ واحد من الاسمين : إسم ليس وخبرها معرفة ، فإذا اجتمعا في التعريف تكافأ في جواز كون أحدهما إسما والآخر خبرا ؛ كما تتكافأ النكرات.
وحجّة من رفع «البرّ» أنه : لإن يكون «البرّ» الفاعل أولى ؛ لأنّه ليس يشبه
__________________
(١) اللزبة : الشدة ، والشرى : مأسدة بناحية الفرات.