وبتعبير آخر ، إنّ الزوجة الصالحة التي تتحلى بالفضائل الأخلاقية والخصال الحميدة. لم تكن أساس اللذة الجسمانية فقط وإنّما تعتبر أساس اللذة الروحانية أيضاً.
فليس من قبيل المصادفة أن يركّز القرآن الكريم ضمن عرضه لأنواع النعم في الجنّة على هذه المسألة ، فقد عبّر بتعابير عميقة المحتوى في هذا المجال.
قال تعالى في موضع : (وَلَهُمْ فِيهَا ازوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ). (البقرة / ٢٥)
وصف الأزواج بكونها (مطهرة) له مفهوم جامع وشامل ، فكما يدل التعبير على نقائها وصفائها من كل النقائص والأقذار الجسمية والخلقية ، كذلك يشمل أيضاً نزاهتها من العيوب والأدران المعنوية والخُلقية ، ومن المعلوم أنّ أهم شرط في اختيار الزوجة هو طهارتها.
إنّ تعبير (مطهرة) أكثر عمقاً من تعبير طاهرة (فمطهّرة) تشير إلى أنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي طهّرها ومن يطهره الله ويشهد على طهارته تكون حالته واضحة بيّنة.
وجاء نفس هذا المعنى في هذا الحديث (أزواج مطهرة من أنواع الأقذار والمكاره) (١).
لقد عبّر القرآن في عدّة مواضع عن زوجات أهل الجنّة ب (الحور العين) ، فقال تعالى : (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ). (الدخان / ٥٤)
وورد نفس هذا التعبير في الآية ٢٢ من سورة الطور. وذهب إلى أبعد من ذلك في قوه تعالى : (وَحُورٌ عِينٌ* كَامثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ). (٢) (الواقعة / ٢٢ ـ ٢٣)
وقال تعالى : (حُورٌ مَّقصُورَاتٌ فِى الخِيَامِ). (الرحمن / ٧٢)
ونقرأ في قوله تعالى : (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ...* كَانَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرجَانُ). (الرحمن / ٥٦ ـ ٥٨)
«حور» : جمع (حوراء) و (أحور) ، وعلى قول الكثير من أرباب اللغة والمفسِّرين (شدة
__________________
(١). تفسير الميزان ، ج ١ ذيل الآية ٢٥ من سورة البقرة وهكذا ذكرها المرحوم العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ١٤٠.
(٢). هناك احتمالات عديدة في محل اعراب «حور عين» ، ومن جملتها مبتدأ لخبر محذوف تقديره (لهم حور عين) ، أو عطف على (ولدان مخلدون ...) والاحتمال الأول هو الأرجح وذلك لأنّ الحور العين ليست للخدمة.