بياض العين في شدة سوادها) وهذا غاية جمال العين. ولعل السبب في ذكر القرآن لجمال العين هو أنّ أكثر جمال الإنسان في عينيه ، ولقد فسّره البعض ببياض جميع الجسم لذا تطلق كلمة التحوير على عملية غسل الملابس وتبييضها. ويمكن الجمع بين المعنيين على أساس اتّصافهما ببياض الجسم وجمال العيون وسعتها.
ومن هذا الباب أيضاً أُطلقت كلمة (الحواريون) على أصحاب السيد المسيح عليهالسلام الذين كانوا يرتدون الملابس البيضاء.
أمّا كلمة (عِين) جمع (أعين) على وزن (أفضل) و «عَيناء» في الأصل بمعنى العين الوسيعة ، وتطلق هذه الكلمة على المرأة التي تمتلك عينين واسعتين جميلتين وجذّابتين أو الرجل كذلك.
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ كلمتي «حور» و «عين» تطلق على المذكر والمؤنث أيضاً ، لهذا فهي تحمل مفهوماً واسعاً بحيث يشمل جميع الأزواج في الجنّة ، زوجات للرجال المؤمنين ، وأزواج للنساء المؤمنات (سنتكلم عن هذا الموضوع أيضاً في مكان آخر).
يلاحظ أنّ القرآن الكريم قد أكّد على جمال العيون ـ وكما أشرنا ـ أنّ جمال الإنسان يكون قبل كل شيء وبعد كل شيء في عينيه ، فالعيون معيار جمال الجسم والروح.
«لؤلؤ» : أي الدر المصون المخزون في الصدف لم تمسّه الأيدي ، والذي يكون له صفاء ورونقٌ خاصٌّ حين استخراجه من الصدف. وتشبيه «حور العين» بـ (اللؤلؤ المكنون) إشارة إلى لطافتها وجمالها الخارق. ومن الممكن أن يكون إشارة إلى أنّها مستورة بشكل كامل عن أنظار الآخرين ، فلا يد مسّتها ولا عين وقعت عليها.
وقال بعض المفسِّرين أيضاً (١) : بما أنّ (حور) مشتقة من مادة (حيرة) ، فيكون مفهومها هو أنّ الحور العين من الجمال بحيث تتحير العيون عن النظر إليها.
وبعدها امتدح الله (الحور العين) بقوله : (خيرات حسان) ، أي نساء خيّرات الأخلاق حسان الوجوه ، وذكر صفة اخرى لهن وهي (مقصورات في الخيام) ، قيل المقصور بمعنى
__________________
(١). أبو الفتوح الرازي في تفسيره. نقل ذلك عن بعض المفسرين القدماء (تفسير روح الجنان ، ج ١١ ، ص ١٣).